«الحكومة المفتوحة» (Open Government)، من التعبيرات حديثة النشأة الجديدة على أذهاننا وأسماعنا. وترجع بداية الاستعمال الرسمى لهذا المصطلح إلى العام 2007م، حيث قام الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش الابن بالتوقيع على «قانون الانفتاح يعزز فاعلية الحكومة الوطنية»، الذى يحمل أيضاً مسمى «قانون الحكومة المفتوحة». وفى اليوم الأول من فترته الرئاسية الأولى، فى العشرين من يناير 2009م، وافق الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما على بدء تنفيذ مبادرة الحكومة المفتوحة (OGI)، لأجل تطبيق أعلى مستوى من الشفافية فى عمل الحكومات. وتقوم فلسفة هذه المبادرة على أن الحكومة ينبغى أن تكون شفافة وتشاركية وتعاونية. وتتضمن المبادرة إلزام جميع الجهات الحكومية بإنشاء موقع إلكترونى للحكومة المفتوحة، وأن تطلب من الجمهور تزويدها بأفكارهم ومقترحاتهم.
وفى العام 2011م، انطلقت مبادرة الحكومة المفتوحة إلى آفاق أوسع وأرحب، حيث بدأ تطبيقها على نطاق عالمى، من خلال إنشاء «شراكة الحكومة المفتوحة» (OGP). ويرجع الفضل فى ظهور هذه الشراكة إلى تعهد ثمانى دول بالعمل مع المجتمع المدنى جنباً إلى جنب لمكافحة الفساد ورفع مستوى الشفافية. وتهدف الشراكة إلى تحسين مستوى حياة المواطنين وعلاقتهم بالحكومة، وصولاً إلى تعزيز ثقة الرأى العام فى الحكومات. ومن أجل ذلك، تعهدت الدول الأعضاء فى الشراكة بالعمل من خلال خطط عمل وطنية، لتحسين الوصول إلى المعلومات الحكومية والشفافية المالية ومشاركة المواطنين والمساءلة. وفى الحادى والعشرين من ديسمبر 2012م، اكتسبت الشراكة دعماً كبيراً بصدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (67/ 218) بشأن تعزيز الشفافية والمشاركة والمساءلة فى السياسات المالية العامة. ويشجع القرار الدول الأعضاء على تكثيف جهودها الرامية إلى تحقيق هذا الهدف، بطرق منها النظر فى تطبيق المبادئ التى حددتها المبادرة العالمية لشفافية المالية العامة ومبادئها السامية المتعلقة بالشفافية والمشاركة والمساءلة لعام 2012م. وفى العام 2014م، اعتمدت منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية «مبادئ إدارة الموازنة»، التى أقرت مبدأ المشاركة الشعبية المباشرة فى السياسة المالية. وفى العام 2015م، نشر «قانون الممارسات الجيدة للشفافية المالية»، الصادر عن صندوق النقد الدولى، والذى أقر المبدأ ذاته.
وهكذا، بدأت تظهر بعض التعبيرات، مثل «شفافية الميزانية والمشاركة فى وضعها»، و«المشاركة الشعبية فى عملية وضع الميزانية»، و«الميزانية التشاركية»، و«الميزانية المفتوحة»، و«البوابة الوطنية للبيانات المفتوحة» و«المشاركة الشعبية فى صنع السياسات». كذلك، خرج إلى النور «مؤشر البيانات المفتوحة»، ويقيس واقع مبادرات البيانات المفتوحة وتأثيرها على الإدارة السياسية والمجتمع والابتكار. ويمنح المؤشر لكل دولة درجة تتراوح بين الصفر والمائة بحسب مستوى استعدادها القانونى والتنظيمى لمبادرات البيانات المفتوحة، ودرجة لتقدمها فى تنفيذ برامج البيانات المفتوحة بحسب قواعد البيانات المفتوحة وتصنيفاتها، ودرجة أخرى لتأثير البيانات المفتوحة على أنشطة الشركات والسياسة والمجتمع المدنى.
وتطبيقاً لمبادرة الحكومة المفتوحة، وفى الأول من سبتمبر 2014م، أفصحت كوريا الجنوبية عن خططها لمضاعفة عدد الملفات الحكومية المنشورة بشكل مفتوح أربعة أضعاف خلال عامين. ومن جانبها، أطلقت مدينة أورلاندو الأمريكية موقعها للبيانات المفتوحة. وبدورها، قامت مدينة فيلادلفيا بنشر بيانات رواتب موظفيها. وشاركت عشرون شركة ناشئة فى صياغة سياسات حكومة كاليفورنيا. وقامت بريطانيا بنشر خرائطها كاملة بشكل مفتوح. أما كندا، فقد قامت بوضع خطة عمل الحكومة المفتوحة فى أيدى مواطنيها. وقام الاتحاد الأوروبى بنشر سياسة البيانات المفتوحة لمؤسساته. وللحديث بقية...