إخواننا فى الأردن، لا تصدقوا هؤلاء الثوار، فهم ليسوا بثوار، ولا تثقوا فى هؤلاء الأحرار، فهم ليسوا بأحرار، ولا تنتظروا منهم خيراً أو رزقاً، فالخير لا يسير فى ركابهم، والرزق لا يحمل فى رحالهم، وإذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة، وكذلك يفعلون، وهم ليسوا دعاة سلام أو وئام أو محبة، بل دعواهم إلى الخراب والدمار تسير، وإلى الفوضى وزعزعة الاستقرار المبتغى والمصير، لا تأمنوا لهم فهم ليسوا بالأمناء على مصالح البلاد والعباد، فهم أفاكون معتدون، مهاجمون غزاة، يعيدون ماضى أجدادكم السحيق المخزى، ويستنسخون تاريخ القهر والاغتصاب، رماحهم وسيوفهم معلقة على الرقاب وفى الخصور، وخيولهم المسومة تتأهب دوماً للجهاد والبطش والنحور، وليس بينهم وبين أعداء الحياة حد أو فاصل أو مسافة، فهم والأعداء سواء، بل هم أشد ضراوة وأكثر خراباً منهم، لا تصدقوا ما يقال، وحافظوا على بلادكم فليس لكم بعدها من ملجأ، وليس لكم بعد ديارها من ديار، واعلموا أن الأردن بلادكم كان مقرراً لها يوماً أن تكون بداية الربيع العربى من بين سطورها، وشرارة الانطلاقة الأولى لذاك الخراب العربى من بين ثناياها، وقد كان مخططاً أن يكون مهد الثورة الإسلامية والخلافة العربية ومبعثها ومصدرها من أرضه، وتخرج كل جحافل الدواعش والقاعدة وخيول المجاهدين والغزاة، تبيد وتحرق وتفنى وتهلك، وتسبى وتسرق وتسيطر وتهيمن، وتدير مناطق التوحش، وتتمكن من مفاصل الدول، وتقيم الدولة الإسلامية كما كان مقرراً لها، فقد كانت الدولة الأولى المؤهلة لهذا الدور فى المنطقة، فهى مركز التيارات الإسلامية المتطرفة والأكثر تطرفاً، ومنها تبدأ وجيعة التشريد والشتات واللجوء والحقد والغل والطرد والنفى العربى، ومن سخونة الوجيعة والنبذ والذم تبدأ الاستجابة لفكرة التمرد والانطلاق والجهاد، والثورة والتغيير، وتسمح بدمار بلاد الغير حتى لو كانت مأواهم وملجأهم وملاذهم ودياراً تضمهم بدلاً من ديارهم، ولسبب سنعرفه يوماً ما، لم يقدر لهذا الربيع العربى أن يخرج من هذه الأرض، والآن تعاد الكرة مرة أخرى، والرحى تدور وتلف حتى تبدأ من جديد، فمن هناك حيث الأرض ما زالت خصبة لقبول الربيع الجديد، مؤيداً ومباركاً من نفس الفصيل على أرض الأردن، فلا تستسلموا لهم ولا تتركوا مقاليدكم رهن حديث حلو ملفق، وإلا ستنهار الدولة بين ليلة وضحاها، وسيكونون أول من يفرح ويسعد ويرقص على أنقاض الخراب والدمار، كما فرحوا من قبل فى غزو الكويت على يد صدام، وسافرت قياداته الشعبية والرسمية تهنئ الغازى على غزوه، والظالم على ظلمه، وتبارك للسارق ما جمعه من أموال وممتلكات وثروات الغير، وتشريده لدولة شقيقة، نفس الدور يؤدونه فى مصر الآن، يرقصون على أشلاء شهداء مصر فى حربهم ضد الإرهاب فى سيناء، صناعتهم وبضاعتهم وما زالوا يحقدون، فقد كان وما زال حلم تحقيق الوطن، وهاجس الاستبدال على يد كل ظالم قائماً وهو الحلم والمراد، حتى لو كان على حساب الأشقاء، وحتى لو باعوا تحت مظلته وفى سوقه الشرف والأمانة والوفاء والتضحية بكل من آواهم من التشريد، ومن قدم لهم يد العون من الجوع، ومن فتح البلاد لهم من الضياع والهلاك، فهم ما زالوا يبحثون عن وطن بديل، أو بيت بالإيجار، أيها الإخوة فى الأردن عودوا إلى صوابكم واعقلوا ولا تصدقوا هؤلاء مهما أقسموا لكم.
ليس الخراب والدمار وضياع الأمم وتشريد الناس طريقاً للتغيير، وليست وسيلة للمطالبة بالحرية والديمقراطية، فلا حرية فى وطن خرب، ولا سلامة فى وطن بلا أمان، ولا هيبة فى دولة يستباح فيها القانون، ولا كرامة فى وطن تدوسه أقدام البلطجية والغوغاء، ولا شهامة فى وطن يستحل الناس فيه أعراض وأموال ودماء العباد، ولا احترام لشعب يتسامح فى أعراض وأموال الغير أو الآخر تحت دعاوى شرعية أو دينية، ولا عزة فى وطن يصفى العالم فيه حساباته ويدفع فيه المدين دينه، وتستقوى فيه الدول الظالمة على الدول المظلومة، ولا تقدم فى ظل غياب القانون والدستور، ولا لقمة عيش فى وطن منهوب ومسروق، ولا نخوة إذا خاف الناس على أعراضهم وهددت بيوتهم ونساؤهم، الحرية فى وطن منهوب كذبة كبرى وتضليل وافتراء، الحرية مناخ عام، يمارسه الناس دون قهر أو ذل أو فوضى عندها تؤتى ثمارها، غير هذا فهى دمار وخراب لا يجنى ثمارها وأرباحها سوى هؤلاء المرتزقة، أفيقوا قبل فوات الأوان، وقبل الإفلاس.