حينما أسمع من يتحدث عن استمرار الثورة دون أن يوضح لى أسباب ثورته، ويعلن رفضه كل مظاهر السلطة، ويدعو إلى تحطيم المؤسسات، وعدم التعامل مع الدولة الانقلابية الشريرة! وأرى صمت الدولة والقائمين عليها وتركهم الشارع يتعامل مع بعضه -مؤيداً ومعارضاً- أتذكر الخليفة الراشدى الأول أبا بكر الصديق الذى أرى أن التاريخ أبخسه حقه حينما لم يمنحه ما يستحق من أوصاف، فهو مؤسس الدولة الحقيقى وهو الأكثر حزماً وحسماً فى مواجهة من تعرّض للدولة بعد وفاة النبى محمد سيد العالمين، رافضاً أى محاولة لإثنائه عن استخدام القوة مع الخارجين على سلطة الدولة. ودليلى يا سادة أن الرجل أصر على حروب الردة رغم معارضة عمر بن الخطاب بمنطق «والله يا عمر لو منعونى عقالاً كانوا يعطونه لرسول الله لحاربتهم عليه». يا سادة هيبة الدولة أمانة وعقيدة لا بد أن تنفذ بسلطان القانون.
حينما تسمع إعلاميين يدافعون عن عدلى القزاز القيادى الإخوانى، مؤكدين أنه رجل فاضل ذو خبرة نخسر بالقبض عليه! عليك أن تدرك أن الفساد ما زال قابعاً على رؤوسنا بجهل أو عن عمد -فالنتيجة سواء- فالرجل لمن لا يعرف فتح مدارسه -المقطم للغات- صيفاً لتدريبات الإخوان ومعسكراتهم، وتكريماً لجميله الذى أعفى فيه «ابن الشاطر» من مصاريف الدراسة الباهظة أثناء سجن «الشاطر»، كان تعيينه بعد التمكين لـ«مرسى»، مستشاراً لوزير التعليم. فصار الحاكم الآمر فى الوزارة رغم وجود وزير، وهو من كان ابنه «خالد القزاز» حامل الجنسية الكندية، همزة من همزات الوصل بين الجماعة والأمريكان، بصفته مستشار محمد مرسى لشئون العلاقات الخارجية وقت أن كان رئيساً للجمهورية. كما أن عدلى القزاز ذاته هو من أرسل لابنه «خالد» رسالة مفادها أن يدافع عن «مرسى» لآخر قطرة من دمه قبل 30 يونيو وأنه احتسبه شهيداً عند الله فى سبيل ذلك. وكما تعلمون فإن الشهادة لا تتحقق إلا بسلاح.. فإذا كان هذا موقفه من ابنه، فما بالنا من بقية الإخوان وتحريضهم؟! ولذا فليخرج الرجل إن كان بريئاً، ولكن أن نحذّر من القبض عليه ونصفه بالخبرة التى سنخسرها فذلك أمر عجب!
حينما تعلم أن الولايات المتحدة الأمريكية عكفت على دراسة حال مصر بعد نكسة يونيو عام 1967 للوقوف على أسباب عدم انهيار البلد وسقوطه رغم هزيمة الجيش وتدميره وتحطم صورة الرئيس عبدالناصر التى رسمتها له الشعوب العربية قبل النكسة، وتعلم أن الأمريكان حدّدوا قوة المصريين فى حينها بثلاثة أركان، هى قوة النظام الاقتصادى القائم على ارتفاع الضرائب والقطاع العام الذى وفّر الاحتياجات الأساسية للمواطن، وثبات العقيدة القتالية لدى الجيش المصرى، وتلاحم المواطنين الذين رفضوا تنحى «عبدالناصر» رغم هزيمته، حينما تعلم ذلك عليك أن تدرك لماذا كان الإصرار على تحجيم دور الجيش المصرى منذ سنوات ومحاولة الجماعة إخضاعه لها بوصول «مرسى» إلى الحكم، ولماذا كان الإصرار على بيع القطاع العام وخصخصته حتى فى ما كان على الدولة الاحتفاظ به منذ سنوات «مبارك»، ولماذا كان إصرار الغرب على خفض الضرائب. رغم أن دولة مثل ألمانيا التى يوصف اقتصادها بأنه الأول على أوروبا، تحدد نسبة الضرائب فيها بنحو 46% من الدخول. وتعلم أيضاً لماذا كان إصرار الجماعة على تقسيم الوطن والمواطن لتزول قوة المصريين المتلاحمين.
حينما تسمع من يهاجم باسم يوسف الآن وقد كان من مؤيديه ومروجى بضاعته قبل 30 يونيو، اعلم أننا شعب يعانى الفصام، فيتعامل مع القضايا بمنطق «هذا أحبه.. وده أحبوش!».