من أكثر المشكلات التى يعانى منها المواطن المصرى فى تعاملاته مع الأطباء.. هى الوصول لطبيب يشرح له ما يعانى منه، ولديه الاستعداد لأن يستفسر ويجيب له عن أسئلته دون أن يتذمر أو يشعره بالضيق، وهو الأمر الذى أصبحنا نعانى منه جميعاً بعد أن تحول المريض عند البعض من الأطباء لرقم لا يحق له أن يتجاوز معه دقائق قليلة معدودة حتى لا يؤثر على توالى دخول المرضى.
أصبح من النادر أن تجد طبيباً على صورة أطباء أربعينات وخمسينات القرن الماضى كما نراهم فى الأفلام القديمة.. سواء فى الأسلوب الإنسانى للتعامل مع المرضى، أو فى التزامه الطبى مع مرضاه أو فى التيسير على المواطنين ومساندتهم نفسياً قبل طبياً، وربما يكون هذا الأمر تحديداً هو الذى جعلنى أكتب هذا المقال تقديراً لطبيب.. أرى فيه القيم والمبادئ المهنية.
أكتب اليوم عن هانى الناظر «استشارى الأمراض الجلدية» الذى يعرفه جيداً رواد الفيس بوك بسبب تفاعله المستمر معهم من خلال تقديم نصائح طبية وتحديد العلاج لبعض المشكلات الشائعة على غرار ما يطرأ بسبب الأحوال الجوية وتغيير الفصول أو بسبب حرارة الشمس وتأثيرها، كما نجده يتفاعل مع ما يثار من أمور جدلية لها علاقة بتخصصه الطبى، ولا يمل من الشرح والتكرار أو الرد على الأسئلة نفسها التى ترد إليه بأكثر من صيغة، فضلاً عن توافد المرضى على عيادته ليس فقط من مختلف محافظات الجمهورية، بل أيضاً من دول عربية شقيقة.
لم أتقابل مع هانى الناظر وجهاً لوجه سوى مرتين أو ثلاث مرات، ولكن انطباعى عنه يتسق مع كل من عرفه.. انطباع إيجابى يحمل العديد من القيم على غرار: الحوار والتسامح وقبول الاختلاف.. لذا فهو يمثل حالة إنسانية يؤكدها مرضاه قبل أصدقائه لكونه يسمع لهم وينصت لشكواهم.. ويشرح لهم أعراض ومشكلات ما يعانون منه، ويشرح لهم سبل العلاج بشكل بسيط، ويتميز دائماً بميله لاستخدام الأدوية المصنعة من مواد طبيعية طالما كانت متوافرة لنوعية تشخيص المرض.
هانى الناظر له العديد من الإسهامات البحثية سواء من خلال تصريحاته الصحفية أو التليفزيونية سواء فى مجال تخصصه الطبى أو ما يخص البحث العلمى، وهو فى هذا المضمار ليس وحده، ولكنه يمثل جيلاً لا يزال موجوداً بيننا بداية من مجدى يعقوب، ومروراً بمحمد غنيم ووسيم السيسى، وصولاً ليحيى الرخاوى.
مصر بها العديد من الأطباء والاستشاريين الذين يحتاج كل واحد بشخصه للكتابة عنه تقديراً لدوره الإنسانى الذى يقوم به.. هذا الدور الذى أصبحنا نفتقده الآن بعد زيادة التحديات ليس على المريض فقط، بل على الأطباء أنفسهم الذين يحتاجون فعلياً إلى إعادة نظر فى منظومتهم الإدارية والمالية.. خاصة فى وزارة الصحة والهيئات الطبية الحكومية.
نقطة ومن أول السطر..
لا يزال فى المجتمع المصرى العديد من الرموز التى تستحق التقدير أثناء حياتها لكى تكون نموذجاً وقدوة حقيقية.. فهؤلاء مدارس مهنية وإنسانية لن تعوض أو تتكرر مرة ثانية.