عشت عمرك تبحثين عن الحب، وعندما أتاك دُستِ عليه بحذائك، وركلتيه بقدمك، حتى أدميت ذلك القلب المتيم في هواك، لأجل كلامهم الذي لا ينتهي عنك وعن غيرك. كان الأجدر بك طرد أولائك الذين يتدخلون في حياتك الخاصة، ويتطفلون على ما لايخصهم، كان جديرًا بك احتواء هذا القلب والمحافظة عليه؛ لأن الزمان لا يجود كثيرًا بمثله.
كان جديرًا بك إسعاد تلك العين التي بكتك في مرضك عندما انشغل هؤلاء بتأليف الأقاويل عنك، اطرديهم من حياتك واستعيدي ذلك القلب الذي لم ينبض بغير اسمك.. نعم لم تبك عيني على أحد مهما كان عزيزًا أو كانت حالته خطرة، لكنها بكتك أنت وبحرقة، حتى تمنيت لو كنت أعاني مكانك، وأتحمل مرضك وآلامك.
في تلك الأثناء كانوا يستعدون لتشويه سمعتك وصورتي عندك، وأنت بكل حماقة انجررت وراء كلماتهم المسمومة، أوتعلمي؟ ماهي إلا مشاعر الغيرة ومرارة الحقد، تلك التي دفعتهم للوقيعة بيننا، فكل فتاة منهن تمنت لو كانت مكانك، وكل واحد منهم أرادك لنفسه.
عودي الآن فما زال في الوقت متسع لإعادة حساباتنا والتخلي عن هذه العلاقات التي لم تجلب علينا غير وجع القلب، عودي فما زال مكانك خاليًا، وسيظل.. واعلمي أنني لن أمل انتظارك.
عودي الآن أو بعد ألف سنة، فالأمر سواء، ولعلك تعلمين أن سبب صبري على هذا الجفاء وهذه الأوجاع هو ثقتي التي لا أعرف مصدرها على وجه التحديد، في أنك آتية، طال الوقت أو قصر، لا أريدك حينها باكية أو نادمة، لن أعاتبك على ما مضى، وسأكتفي بهذا اللقاء بديلًا عن أوقات السهر والحيرة، والقلق والترقب، لا أريد رؤية الانكسار في عينيك، أريدك باسمة الثغر كما عهدتك وهذا يكفي.
لأن السعادة مشتقة من نظرتك، ولأن جمال الكون هو بعضك، ولأني أكبر أحمق يمكن لكِ مقابلته يوما، ومن أجل أختي الكبرى التي تطاردني بجملة «عاوزين نفرح بيك»، وكي يتوقف الناس عن التمعن في لحيتي التي انتشرت فيها خصلات الشعر البيضاء أن يكفوا عن القول أنني عَجّزتْ، وأن العمر يرحل بسرعة، لا يعلمون أن العمر في انتظارك عبادة، وأن الصابر على جفاءك مأجور، وأن الجمادات التي تحاوطني في حياتي تتضرع بالدعاء أن ينتهي انتدابك في هذا البعد القاتل.
أحيانًا أشعر وكأني قد سقطت في فجوة زمني، أو بعد كونيّ آخر، وأنه لا أمل من رجوعك، وأن رؤيتك باتت المستحيل الرابع، إلا أن ضربات قلبي قد انتظمت على وقع ألحان ضحتك، وبؤبؤ عيني قد تمت برمجته على رؤيتك فقط، في كل جميل، وكل بهجة، فأنتظر، وأنتظر، إلى ما لا نهاية.