سنوات طويلة ظل فيها "السبكى" هدفاً مشروعاً لنيران النقد والهجوم المباشر وغير المباشر والقصف من كل اتجاه بعدما استمر فى اختراع وتقديم أفلام أُطلق عليها الـ "حواوشى" نسبة للبهارات الزائدة دون محتوى وتصدر بها شباك التذاكر ... وفى اتهام مباشر بإفساد الذوق العام بل وتدمير ذوق الجمهور وثقافته أكمل "السبكى" طريقه غير مهتم بآراء من حوله حاصداً أعلى الإيرادات وساعده فى ذلك تهيئة الجمهور لاستقبال هذه النوعية من الأفلام فيستمر "السبكى" على القمة ويحقق المعادلة الصعبة أو المستحيلة خاصة فى أصعب الفترات التى مرت على البلاد بعد 2011 لتستمر عجلة صناعة السينما دائرة بوجود "السبكى" الذى حطم كل الفرضيات والنظريات فى هذه الفترة ليظل محافظاً على وصفه كـ "داهية إنتاجية" ويظل "السبكى" حديث المدينة .. بصوت الإعلامى مفيد فوزى.
عندما تتغير المعطيات تتبدل النتائج ... قاعدة علمية ثابتة لا خلاف عليها وهو ما حدث مؤخراً عندما تغيرت معطيات السوق بعدما تراجع الجمهور عن الاهتمام بأفلام الـ "حواوشى" بعد أن تغيرت عليه معطيات البيئة التى تحيطه ككل فتبدلت نتائج الجمهور الذى شعر بالملل وأيقن أن للسينما أبعاد أخرى وأهم فقرر أن يتوقف عن التعامل معها بمبدأ "اشرب عشان تنسى" وبدأ يبحث عن سينما حقيقية ويطلبها وهو ما قلب نتائج المعادلة كاملة بعدما قام الجمهور بالتوقيع على شباك التذاكر بالرفض فكان جرس الإنذار و"اللمبة الحمرا" التى انتبه لها "السبكى" جيداً وفى الوقت المناسب.
"السبكى" كداهية إنتاجية لم يرضى بالسقوط ولن يتقبله .. لمح بوصلة الجمهور تتغير وزيادة المطالب بعودة سينما قوية وحقيقية فقرر أن تكون هذه العودة أيضاً "سبكى" وهو ما لم يتوقعه أحد إلا من يثقون فى قدرات "السبكى" وأنه يملك هذا حتى ولو لم يقدمه ليفاجئ الجميع بفيلمين من إنتاجه يحصد بهما أعلى الإيرادات فى تاريخ السينما المصرية بصناعة سينمائية كاملة ومحترفة ونجوم متعددة الفئات على رأسها البطل الرئيسى فكان الـ "سقا" فى "هروب اضطرارى" ثم "أمير كرارة" فى "حرب كرموز" بعد مشاركته فى البطولة مع الـ "سقا" فى الفيلم الأول ليقدم "السبكى" للسينما بطلاً جديداً من النوعية الـ "شيك" المحببة للجمهور بدلاً من وجوه البلطجة والإسفاف وهو ما جعل الجمهور يصفق بقوة وإعجاب ولسان حاله يقول "ما إنت حلو أهو يا سبكى" و"كنت فين من زمان يا سبكى"!
ذكاء الـ "سبكى" ودهائه فى اقتناصه لـ "أمير كرارة" بعد نجاحه الساحق فى مسلسل "كلبش" الجزء الأول رمضان 2017 ليأتى العيد و"أمير" بجوار "السقا" فى السينما ثم يقرر أن يقدمه بطلاً ثقة فى نضوجه اللافت وجماهيريته فينتهى رمضان 2108 و"كرارة" ( رقم1 ) على القمة بمسلسله "كلبش2" محققاً أعلى مشاهدة ليحتفل الجمهور به فى العيد بالسينما ببطولته الأولى التى حققت إيرادات خيالية لينتقل "السبكى" إلى منطقة جديدة ومتقدمة فى صناعة السينما وينقلها معه نقلة مختلفة تماماً تصعب على من يأتى للمنافسة.
المتابع لخط السير وتقلبات الأحداث والإيرادات سيلحظ أن الخطط تغيرت والأولويات تبدلت وأن جيل جديد من "السبكية" أصبح رقماً مهماً فى المعادلة بل وعاملاً حفازاً أيضاً على رأسه "ندى السبكى" ... جيل جديد يقدم نقلة جديدة تناسب متطلبات الوقت وتشعر بتغير الزمن ... جيل جديد مهتم بالصناعة وكذلك تخليد الاسم بما يليق بالإمكانيات والأدوات التى يمتلكها ويبحث فى كل جديد ... وربما قام بثورة "سبكية" لتصحيح الأوضاع نجح فيها باقتدار وحاز على ثقة الجميع.
فى الحقيقة يحسب للـ "السبكى" مرونته فى الانتقال من مرحلة لمرحلة مختلفة تماماً دون عناد أو "عنجهية" فمؤكد نجاحه الأول مع "السقا" جعله يثق فى الطريق ... فالبداية صدمة واستهجان من توقيع "السقا" للـ "سبكى" والنتيجة انتظار الجمهور للنجوم الكبار بتوقيع "السبكى"!
لم يهاجَم أحد على مدار تاريخ السينما بقدر "السبكى" ونال كل أنواع الهجوم وأشكاله وربما كان يستحق منه الكثير وفى الهجوم طرفان ... الأول كان يهاجم ويطالب بإبعاده عن الساحة تماماً ويصفه باللا شئ وآخر يهاجمه دفاعاً عن صناعة السينما وتاريخها المستقبلى وتدهور ذوق الجمهور وعدم الاعتماد على مقولة "الجمهور عايز كده" ولكن ماذا تقدم أنت للجمهور لتحركه فى الاتجاه الصحيح فى ثقة أن "السبكى" يملك ذلك فعلاً ويستطيع النجاح به ولكنها الإرادة وهو ما كنا نؤمن به دائماً عن اقتناع وأسف فى نفس الوقت على عدم حدوثه ... وقد حدث أخيراً بما يستحق التقدير .... وأخيراً نال الإشادة.
"السبكى لما ..." أراد .. فعلها فهو فى الحقيقة لا ينقصه شئ بل يتميز بحرفية الصناعة ولكنه كان يستغلها بشكل يرضيه وحده.
"السبكى لما ..." قرأ السوق قراءة صحيحة تأكد أن الاستمرار فى ذاكرة السينما لن يكون إلا بالتطوير وختم الجودة فكان الدفع بجيل "السبكية" الجديد الذى نجح وانطلق و"قلب الترابيزة" فجأة.
"السبكى لما ..." وصل لهذه المرحلة فمن الصعب الرجوع عنها ولو خطوة واحدة للخلف مجدداً ولن يُقبل منه ذلك .. فلا بديل عن الطرق الصحيح ......... وهذه رسالة مسجلة.