أول الشعبة الإسلامية بالأزهر: "أمي سر نجاحي"
الدكتور أحمد الطيب
منزل مكون من 5 طوابق، يظهر عليه بعض علامات التشوهات، بشارع أحمد خليل بالتجنيد، حلمية الزيتون، مجرد دخولك تجد السلم مظلم، حتى الدور الأخير، على الجنب الأيمن بالشقة الأخيرة بالدور الخامس باب منفتح، يظهر بداخله كثير من كتب الدين واللغة العربية، يقف "محمد يوسف قته" 58 عامًا، والد" أحمد محمد" 18 عامًا، الأول على الثانوية الأزهرية بالشعبة الإسلامية، بمجموع درجات 649 وبنسبة مئوية 96.87%، يستقبل الزائرين ومن يقوم بتهنئته، قائلًا: "رفعت راسي يا أحمد".
يجلس "أحمد" بداخل غرفة ويرتدي زيه الأزهري، الفرحة تغطي ملامح وجهه بعد اتصال شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، لتهنئته على تفوقه وحصوله على المركز الأول، مشيرًا إلى أنه فخور بدراسته بالأزهر الشريف، وأنه يتمنى بأن يصبح دكتورا بجامعة الأزهر، لافتا إلى أن حياته الجامعية ستكون في رحاب جامعة الأزهر بالقاهرة، ولن يقبل بمنح في تلك الفترة، ولكن بعد الدراسة الجامعية متمنيًا أن يستكمل دراسة الماجستير والدكتوراه بالخارج.
لم يكن "أحمد" يعتقد أن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، سيجري اتصالًا هاتفيًا معه، ولكن مجرد رؤيته رقم خارجي على هاتفه أدرك أنه فضيلة الإمام "أنا عارف إن فضيلة الإمام في بريطانيا".
وأشار إلى أن شيخ الأزهر لم يكن هو من بدأ الحديث معه وإنما المستشار محمد عبدالسلام، ليسأله عن صعوبة الامتحان وماذا فعل، ثم قال له: "هوصلك بفضيلة الإمام"، لم يدرك أحمد أنه سينال هذا الشرف، حسبما ذكر، حتى بدأ شفاه بالتحرك تجاه والدته ليهمس لها قائلًا: "فضيلة الإمام"، لتصمت هي ولا تستطيع التحدث وبمرور لحظات من حديثه تهمس له والدته "هدى يونس" 54 عامًا "مالك في إيه؟"، ليعطيها الهاتف بطلب من شيخ الأزهر، فتصمت هي الأخرى من شدة فرحتها.
لم يشعر أحمد خلال دراسته بوجود صعوبة في أي مادة، لحرصه الدائم على المذاكرة بشكل يومي حتى لا تتراكم عليه المواد الدراسية، وأن كلمة الثانوية التي تعد أزمة كل بيت مصري، لم يكن يقلق منها، لافتًا إلى أنه حصل على المركز الأول خلال دراسته بالثانوية والإعدادية ولكن على المعهد، وغيرها من الجوائز في حفظ القرآن الكريم في العاشرة من عمره.
وعبر "أحمد" عن رغبته في الالتحاق بكلية الشريعة والقانون، آملا أن يصبح دكتورا بها "حتى أستطيع أن أجمع بين الشرع والقانون".
ووجه "أحمد" رسالة إلى زملائه من طلاب المعاهد الأزهرية قائلًا:"ذاكروا كل حاجة من البداية، علشان مفيش حاجة صعبة، واعتمدوا على الفهم مش الحفظ".
"ختامه مسك" تقولها "هدى" والدة أحمد معبرة عن سعادتها بفرحتها به، لأنه آخر أبنائها الـ4 وهو الوحيد الملتحق بالتعليم الأزهري، عكس الثلاثة الآخرين.
يقطع "أحمد" حديث والدته ويقترب منها، ويحتضنها قائلًا: "صاحبة الفضل عليا بعد ربنا سبحانه وتعالى"، ويقول والده "كان ليها اهتمام مع أحمد مختلف".
يعود "أحمد" إلى حديثه معبرًا عن عدم اهتمامه بما يقال عن الأزهريين بالقنوات الفضائية والصحف "طلاب الأزهر مبيفرقش معاهم كلام حد، علشان عندهم هدف عايزين يوصلوا ليه"، لافتًا إلى أن الامتحانات كانت تأتي على مستويات مختلفة: "كان دايمًا بيكون في كل الامتحان سؤال صعب".
وقال إنه أكثر من مرة كان يعود إلى منزلهم بعد الامتحان وهو مكتئب "فكرت أكتر من مرة مكملش امتحانات، بس كنت بفوق لمستقبلي بسرعة، ودي أيام امتحانات ومفيش وقت للكلام دا".
"أمي سر نجاحي.. وهي اللي كانت منظمة ليا جدول المذاكرة رغم أن معاها دبلوم" يقولها أحمد، مضيفًا: "ارتدائي الزي الأزهري شرف ليا مستحقوش.. لأنه كبير"، موضحًا أن المدرسين بمعهد الدكتور فؤاد محيي الدين، بشبرا الخيمة من أفضل الأساتذة، وأنه كان دائم الاستفادة منهم، حتى استمر الترم الأول بدون انقطاع، ولكن لم يذهب الفصل الدراسي الثاني بسبب التزام المدرسين بالمنهج "المفروض هيخلصوا قبل الامتحان بـ 3 أيام، كنت هذاكر امتى؟".