يومياً تصلنى دعوات كثيرة لحضور مؤتمرات فى كل المجالات فى الطب والهندسة والتعليم والبحث العلمى والصحة والبيئة والإسكان والإعلام والصناعة والتجارة والزراعة والشباب والرياضة ومكافحة الفساد والتطوير الإدارى والاقتصاد والاستثمار والنقل والمشروعات الصغيرة والمتوسطة والبنوك والإدارة المحلية والمرأة والعمال والسياسة، وحتى فى النظافة والقمامة، كما أننى أقرأ وأشاهد وأسمع عن عشرات المؤتمرات والمنتديات والندوات وورش العمل داخل مصر وخارجها، دورية وشهرية وسنوية، تنظمها الوزارات والجامعات والشركات والنقابات والجمعيات.
وخلال الخمسين عاماً الماضية شهدت مصر آلاف المؤتمرات والندوات وورش العمل فى طول البلاد وعرضها، صدر عنها مئات الآلاف من التوصيات، معظمها أكلتها الفئران أو تحللت بسبب الأتربة، لو أن مصر استفادت من هذه المؤتمرات ما كان هذا حالنا وما كنا فى حاجة لعقد مؤتمرات جديدة يومياً تكلف الدولة ملايين الجنيهات بلا فائدة، المؤتمرات فى مصر سبوبة للقائمين عليها وللشركات المنظمة لها أو مجرد شو إعلامى، ومعظم المؤتمرات هى مجرد جلسة افتتاحية ثم تنتهى بعد انصراف المسئولين وكاميرات الإعلام. هناك مؤتمرات مصيبتها فقط فى إهدار الأموال، وهذه بسيطة، ولكن هناك مؤتمرات تأثيرها أكبر من ذلك، مثلما يحدث أحياناً فى مجال الصحة والعلاج، لأن شركات الأدوية هى التى تنفق عليها فى مقابل ترويج منتجاتها، حتى لو كانت ضارة أو دون فعالية، وبالتالى يدفع المواطن الثمن من صحته وحياته.
أتمنى أن يصدر قرار من رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء بوقف عقد المؤتمرات على الأقل لمدة عام ثم مراجعة التوصيات التى صدرت عن كل المؤتمرات السابقة، وهل استفادت منها الدولة أم لا؟ لأن ظروفنا الاقتصادية الصعبة تتطلب توفير ما ينفق على المؤتمرات واستغلاله فيما يفيد، حتى لو كان القطاع الخاص هو الذى ينفق من جيبه فهى أموال مصرية ويجب توجيهها إلى مجالات أكثر فائدة للبلد.
مشاكل مصر معروفة، وحلولها أيضاً، وهى لا تحتاج إلى مؤتمرات جديدة، وكل مشكلة عندنا لها ألف حل، سواء من خلال توصيات المؤتمرات السابقة أو فى ملايين الأبحاث ورسائل الماجستير والدكتوراه ودراسات المجالس والمراكز واللجان، نحن فقط نحتاج إلى قرارات جريئة لتطبيق الحلول على المشاكل.
أتمنى أيضاً أن يصدر قرار من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بترشيد سفر المسئولين للخارج لحضور مؤتمرات لن تستفيد منها مصر.
أما المؤتمر الوحيد الذى تحتاجه مصر ولم يعقد حتى الآن فهو مؤتمر يجتمع فيه كل خبراء الاقتصاد لوضع رؤية لكيفية استغلال مواردنا والعبور بالبلاد من أزمتها الاقتصادية، وهذا المؤتمر يجب أن يكون مغلقاً داخل مؤسسة الرئاسة ولا تذاع جلساته على الهواء ويكون بعيداً تماماً عن الإعلام.
انطلاقاً من سياسة الترشيد التى تنتهجها حكومة د.مصطفى مدبولى فإنه يجب وقف مولد عقد المؤتمرات أو على الأقل تقنينها وأيضاً تقييم أداء المجالس واللجان وإلغاء التى لا فائدة منها وتوفير ميزانيتها وتوجيهها إلى مجالات يستفيد منها الوطن والمواطن. وتحيا مصر.