الحوار التالى جرى بالفعل.. ربما عبر أكثر من مرة.. وربما مع أكثر من شخص من الجماعة نفسها.. وبعضه جرى فى مناظرات علنية احتواها وأشرف عليها قسم العلوم السياسية بكلية التجارة جامعة أسيوط.. لكن ستجدون شبيهاً له ربما حرفياً الآن.. بالرطانة ذاتها ومع «ذات العقول الحجرية»، قال: هى انقلاب عسكرى مجرم أذل العباد وقطع الرقاب وقتل الآلاف وسجن الملايين وأعاد مصر إلى الوراء بعد أن كانت تدين الإمبراطورية التى كانت لا تغيب عنها الشمس، قلت: لا لا وعندك أيضاً استباحت الحرمات وحاربت الإسلام أو حولت بلادنا إلى ديار كفر!
قال: اتسخر منى.. بتتريق؟
قلت: طبعاً.. لا يصح مع كلامك إلا السخرية.. هذا كلام مساطيل نصبوا عليهم وزوروا لهم تاريخهم طوال نصف قرن.. وهقولك.. ملايين إيه اللى اتقبض عليها فى بلد عندما قامت الثورة كان تعداده 18 مليوناً؟ وفى أى سجون سجنوهم؟ أحد زملائك قبل فترة طويلة تحدث عن الآلاف الذين قتلوا فى السجون فطالبته بأسماء ألف واحد فقط ممن قتلوا وقد توفاهم الله ونعرف ذويهم.. ثم منحته تخفيضاً وطالبته بمائة فقط! ثم منحته تخفيضاً جديداً وطالبته بخمسين اسماً وهكذا حتى وصلنا للعشرة.. ولم أره حتى اللحظة!
قال: لااا.. موجوده الأسماء.. أعدموا الشهداء سيد قطب وعبدالقادر عودة ومحمد فرغلى ومحمود عبداللطيف...!
قلت: ها.. ثم من؟ 7 أحكام بالإعدام بعد محاكمات علنية فى 18 سنة وهى أقل أحكام الإعدام فى عهود رؤساء مصر.. لكنكم لا تذكرون إلا الرجل الذى جاءت إليكم الأوامر بالحرب ضده.. ومع ذلك من المغفل الذى قال لك إننا كنا نداين بريطانيا؟ كيف لبلد ابتلع بلداً آخر أن يقترض منه؟ هو مفيش مخ؟
كل القصة التى اختلقتموها ووظفتموها أسوأ توظيف أن مصر قدمت بالأوامر دعماً لبريطانيا فى حروبها.. تسهيلات وإمدادات وبالجنود.. ولأنه تم من الحكومة تم تدوينه فى الدفاتر كديون.. ولم يجرؤ واحد فى الحكم على مطالبة بريطانيا بها.. وبالتالى فهى دليل عار لا دليل مجد.. ولم يكن الدين أموالاً مقترضة تدل على قوة الاقتصاد.. بل بالمعنى العلمى لم يكن هناك اقتصاد أصلاً!
قال: بلا قرف.. يعنى هو عبدالناصر اللى عرف يطالب بهذه الأموال؟
قلت: عبدالناصر لم يطالب بها فعلاً.. عبدالناصر أخذها عنوة.. أومال مين اللى صادر الأموال البريطانية بعد كمان ما أمم القناة؟! يا بيه هو انتو تعرفوا حاجة عن تاريخ بلدكم!
قال: تاريخ بلدنا نعرفه أكثر منك ونعرف إن من تاريخ بلدنا إننا كنا نتصدق على دول كبرى زى بلجيكا والشيك صورته موجودة والواقعة ثابتة فى التاريخ.. ولا كمان هتنكرها؟!
قلت: ورغم أنه لا يصح أن نقرض غيرنا ونصف شعبنا حافى.. أو كما قال محمد بك سعيد رئيس مصلحة الجمارك المصرية فى تصريح لمجلة المصور قبل ثورة يوليو بخمسة أشهر إن «نصف المصريين يعيشون عيشة البهائم»، ومع ذلك يا سيدى أرسلنا ربع مليون فرنك لبلجيكا أيضاً بتعليمات من بريطانيا لتعويض بلجيكا عن تدميرها من ألمانيا التى ذهب جيشها لاحتلال فرنسا فكان لا بد أن يذهب من بلجيكا وحدثت معركة «لييج الشهيرة» وانتهى الأمر باحتلال بلجيكا وفرنسا!
قال: يا راجل اتقى الله يعنى ملك هياخد تعليمات من ملكة بريطانيا؟!
قلت: من يدير شئون الحكم هو الحكومة البريطانية وليس الملكة وللأسف ملك مصر نفسه كان المندوب السامى سيستبدله نفسه فى حادث 4 فبراير المخزى الشهير، الذى كاد المندوب يصفع الملك ولكنه اكتفى بتوبيخه.. قصة شهيرة ابحث عنها الآن واقرأها!
قال: انت إنسان عجيب.. كيف تدافع عن رجل كل تاريخه هزائم وكوارث.. فى اليمن وفى 56 وفى 67؟.. ارحمونا بقى قرفتونا بزعيمكم المهزوم ده!
قلت: لك الحق أن تتكلم كما تشاء فلا البلد تعتبره بلدك ولا الجيش العظيم جيشك..
قال: (مقاطعاً) بلدى أكثر منك وجيشى أكثر منك!
قلت: اصمت حتى أرد عليك.. ليس بالكلام ولا الصوت العالى.. بلد إيه الذى تآمرتم عليه وحرضتم الإنجليز لإعادة احتلاله وتحدثتم فى إذاعات وصحف الخارج تطالبون شعب مصر بالاستسلام؟ وجيش إيه اللى تتهموه بأنه انقلب فى 52؟ وجيش إيه الذى تحتفلون مع أصدقائكم الإسرائيليين كل عام بحرب 67؟! وجيش إيه وأنتم والإسرائيليون فقط فى العالم من تعتبرون أن حرب 56 هزيمة، رغم أن واحد زى أنتونى ناتنج وزير خارجية بريطانيا وقت الحرب أصدر كتاباً كبيراً سماه «ناصر»، وقال فيه إن إمبراطوريتنا ضاعت فى حرب السويس!! جيش إيه وأنتم تزيفون بطولته ومعه الشعب المصرى وأهل بورسعيد فى ملحمة العدوان الثلاثى؟! كل شعوب العالم تعرضت لهجمات وعدوان ودفعوا الثمن أضعافنا، والعالم يعتبرهم انتصروا كما فى فيتنام مثلاً لكنكم تقاتلون نيابة عن العدو الإسرائيلى ووجدانكم معه هناك.. حرب اليمن تهاجمونها وتدعون فى الوقت نفسه للذهاب للجهاد فى أفغانستان ومن بعدها البوسنة والهرسك والشيشان؟! ضحايا حرب اليمن يا مزورين من الشهداء أقل من ضحايا حادث العبارة الذى تسبب فيه أحد رجال النظام الذى اقتسمتم معه مقاعد برلمان 2005 وأعلنتم ترحيبكم بتولى ابن رئيسه حكم البلاد.. أنتم حطب جهنم!
قال: (غاضباً) أنتم مين يعنى؟
قلت: أنت نفسك وجماعتك ومؤسسها نفسه!
قال: احترم حرمة الموتى والإمام الشهيد فى رحاب الله!
قلت: أهو الشهيد ده قتله الملك اللى بتدافع عنه وعن عهده! ألم أقل لك إنكم فى غيبوبة؟ ثم هو البنا فى رحاب الله وعبدالناصر فى رحاب إيه؟ رحاب عبدالمعطى بنت خالى؟ ولكم نصف قرن تفترون عليه لم تتركوا فرية إلا وافتريتم بها عليه! ومع ذلك بيننا وبينكم الجنائز كما يقول الإمام ابن حنبل.. وقائد الثورة المصرية صاحب أعظم وأكبر جنازة فى التاريخ وبيننا وبينكم الأرقام كما يقول أهل الاقتصاد.. وأتحداك أن تنشر أرقام الاقتصاد فى كل عصر من هذه العصور الأربعة..
قال: يا عم أرقام إيه وبتاع إيه.. كفايه الجنيه كان يجيب أكتر من 3 دولار شوف النهارده الدولار بكام!
قلت: انشر قيمة العملة حتى عام 1970 ستجدها لم تزد إلا قروشاً قليلة.. كفاياكم خلطاً للفترات كلها على بعض واعرف امتى تراجع الجنيه.. ومنى لك ألف جنيه إن نشرت أرقام الاقتصاد حتى تعرف الحقيقة.. انشر أرقام الديون والبطالة والصناعة والإنفاق على الصحة والتعليم وأرقام المحصول الأساسى كيف كان وكيف أصبح.. بدلاً من خطب الإنشا والهمبكة.. والسلام على من اتبع الهدى!