بطلة رياضية من «رحم المعاناة»: «السيسى» أول رئيس يهتم بنا.. وأصبحنا أبطالاً فى عهده
«إيناس»
بملامح طفولية، تلهو «إيناس»، ابنة الـ22 عاماً، مع أصدقائها من «الأقزام»، تحاول تشجيعهم للخروج من «القوقعة» التى يعيشون داخلها، كما ساعدها مقربون منها حتى كسرت حاجز الخوف واليأس، وتمكنت من الخروج من عنق الزجاجة، حتى أصبحت بطلة رياضية، بفضل مثابرتها وإيمانها القوى بذاتها، تغلبت على كل الصعاب، بدءاً من نظرات المحيطين بها فى مجتمع عُرف بالقسوة على أبنائه، استجمعت شجاعتها، وقررت التغلب على نظرات وإهانات البعض لها، لتصبح من أوائل المشاركين فى المحافل الرياضية من الأقزام، ولم تقف عند هذا الحد، بل قررت أن تأخذ بيد الآخرين ممن يعانون من مثل ظروفها.
روت إيناس الجبالى، المقيمة بقرية «الإسماعيلية»، التابعة لمركز كفر سعد بمحافظة دمياط، قصة نجاحها لـ«الوطن»، قائلة: «فى بداية الأمر، عندما كنت صغيرة فى المرحلة الابتدائية، كنت أخشى الخروج من المنزل لمواجهة الناس، خاصة أن عدداً من المحيطين بى اعتادوا السخرية منى، للأسف مجتمعنا لا يدرك يعنى إيه قزم، ولكننى تمكنت من التغلب على تلك المشكلة، بمساعدة أهلى، شجعونى على الخروج والاندماج مع المجتمع، ولكن عندما انتقلت للمرحلة الإعدادية، زادت معاناتى، حيث كانت إحدى المعلمات تتعمد إهانتى والسخرية منى، كانت دائماً تقول لى: العصايا أطول منك، وقتها حبست نفسى فى المنزل، وفقدت الأمل فى الحياة، وظللت أبكى، إلا أن والدى قال لى بعض الكلمات التى ما زالت تتردد فى أدنى: مينفعش تستسلمى، لازم تخرجى وتعيشى حياتك، أنتى اللى هتخلى الناس تفخر بيكى وتحترمك أو تسخر منك»، وأضافت أنها وضعت تلك الكلمات نُصب عينيها، وقررت أن تواجه كل الصعوبات بقوة، حتى استطاعت أن تنهى المرحلة الإعدادية، والتحقت بالمعهد الفنى التجارى، الذى تخرجت فيه مؤخراً، وتقدمت هذا العام للالتحاق بكلية التجارة.
والدة إيناس: أتمنى أن تحصل ابنتى وأمثالها من الأقزام على حقوقهم وأن يتوقف المجتمع عن السخرية منهم
وعن مشوارها مع البطولات الرياضية، قالت إنها أثناء دراستها فى الفرقة الأولى بالمعهد، قبل 3 سنوات، بدأت بالمشاركة فى مجموعة من ألعاب القوى، ومنها «دفع الجلة»، والجرى لمسافة 100 متر، وحصدت المركز الأول فى المسابقتين، مشيرة إلى أنها كانت لديها رغبة قوية فى أن تصنع من نفسها بطلة رياضية، بعدما شاهدت العديد من متحدى الإعاقة وقد أصبحوا أبطالاً فى كثير من الألعاب الرياضية، وأضافت: «شاركت فى أول بطولة فى حياتى، وحصدت المركز الأول، وقتها نصحنى عدد من المدربين بالانضمام إلى أحد الأندية، حتى أتمكن من الانضمام إلى منتخب مصر»، وبالفعل تمكنت إيناس الجبالى من تسجيل اسمها فى «جمعية الرياضيين لمتحدى الإعاقة»، وشاركت فى بطولة الجمهورية، وفازت بكأس مصر، بعد حصولها على المركز الأول، كما شاركت فى بطولتى الجامعات والشركات، وحصدت أيضاً المركز الأول فى المسابقتين.
واستطردت ابنة محافظة دمياط بقولها إن القائمين على المنتخب طلبوا منها ممارسة لعبة رفع الأثقال، حتى يمكنها المشاركة فى بطولات خارج مصر، وبالفعل تركت ألعاب القوى وبدأت التدريب على رفع الأثقال. وأضافت أن «الكابتن تومة» وقف بجانبها وساندها، حتى استطاعت الحصول على المركز الأول على مستوى الجمهورية، وتستعد حالياً للمشاركة فى بطولة أفريقيا، المقرر إقامتها فى سبتمبر المقبل، والمؤهلة لبطولة العالم التى ستُقام فى العاصمة اليابانية طوكيو سنة 2020، وأكدت أن حياتها تغيرت تماماً بعد ممارستها الرياضة، ولم تعد تلتفت لسخرية البعض منها، أو نظرتهم إليها، وإنما كل همها حالياً هو التفكير فى وسيلة لدمج «الأقزام» رياضياً، لمساعدتهم على الخروج من «القوقعة»، التى يفرضها المجتمع عليهم.
وأشارت «إيناس» إلى أن أحد الأطباء أخبرها بأن سبب إصابتها بـ«التقزم» إما نتيجة سوء التغذية، أو بسبب الحالة النفسية لها بينما كانت جنيناً فى رحم أمها، وطالبت القائمين على المنظومة التعليمية بالعمل على استيعاب الأقزام، ومعاملتهم كالأسوياء فى المدارس، والتصدى لأى محاولات لإهانتهم أو السخرية منهم، مشيرة إلى أن عدداً كبيراً من الأقزام لديهم مواهب عديدة، فمنهم الأطباء والمدرسون والفنانون، وأضافت أنها تستعد حالياً لتحقيق حلمها بافتتاح جمعية لرعاية الأقزام صحياً ورياضياً وتعليمياً واجتماعياً فى دمياط.
وأكدت أن الرئيس عبدالفتاح السيسى هو أول رئيس يهتم بالأقزام وذوى الاحتياجات الخاصة، حيث أصبح كثيرون منهم أبطالاً رياضيين، فقد طالبت المسئولين فى أجهزة الدولة المختلفة بتوفير وظائف للأقزام، وقالت: «نحن لا نجد عملاً ولا يتم توظيفنا»، مشيرة إلى أنها تلقت عدة وعود من جانب المسئولين التنفيذيين فى محافظة دمياط بتعيينها فى إحدى الوظائف، ولكن لم يتم تنفيذ أى من تلك الوعود، وأضافت: «نفسى أشتغل زى أى حد»، ولفتت إلى أنها تتقاضى معاشاً شهرياً لا يتعدى 360 جنيهاً، كما أشارت إلى أنها خضعت لعملية تطويل أوتار فى القدمين، ولكن العملية لم تأتِ بالنتيجة المطلوبة، وإنما أصبحت إحدى قدميها أطول من الثانية بمقدار 3 سنتيمترات، وكانت تشعر ببعض الآلام بعد العملية، ولكن سرعان ما اختفت تلك الآلام مع ممارسة الرياضة.
«نجوان السيد»، والدة «إيناس»، التقطت طرف الحديث وقالت، لـ«الوطن»: «أثناء الحمل، أبلغنى الأطباء بأن ابنتى ستولد غير سوية، إما بسبب سوء التغذية، أو نتيجة حالتها النفسية، وبعد ولادتها خضعت لعلاج طويل استمر لعدة سنوات، ولم أكن أعلم أنها مصابة بالتقزم، إلى أن توجهت بها إلى عدد من الأطباء بالقاهرة، وهناك أخبرونى بحقيقة حالتها»، وأضافت: «كل ما أتمناه أن تحصل ابنتى وأمثالها من الأقزام على حقوقهم، وأن يتوقف المجتمع عن السخرية منهم، وأن تهتم بهم الحكومة تعليمياً وصحياً، وتوفر الوظائف المناسبة لهم، كغيرهم من الأسوياء».