الفن يحتل الحدائق والساحات الشعبية فى الشمال السورى
إحدى الفرق السورية
لم تعُقه العقبات التى واجهته على مدى سنوات حياته، لم ييأس رغم اعتقاله، استمر بالغناء، وفى حقل الفن زرع كلمات وألحاناً سقاها بدعوته للحرية، ما بين شعر وأغانٍ فلكلورية ووطنية عكف دانيش بوطان، 43 عاماً، على ترديدها وتقديمها فى حفلات شعبية بمدينته قامشلى، أقصى الشمال السورى، ويرى دائماً فى الفن الحرية والتحضر والإنسانية، لم يكتفِ فقط بكونه عضواً بفرقة غنائية كردية بل بحث عن المرة الأولى التى سمعت فيها الأرض صرخة الموسيقى، التى كانت فى كردستان، موطن الأكراد، بحسب قوله: «أول آلة موسيقية اتصنعت بالإنسان الكردى قبل الميلاد بعشرين ألف سنة، اخترعوا آلة الناى (مزمار)، بهذا الوقت شخص شاف عضم الكلب أو النمر شال العضمة وراح ينفخ فيها فخرج صوت موسيقى، وفى العصر الحجرى القديم الإنسان تطور بالعقل وصار يخلق أشياء، ونحن مجتمع ملىء بالحضارة، وعلى قول التاريخ النبى إبراهيم بالأصل كردى، كان من قرية روحا.. موجودة الآن بالأراضى التركية».
حرّرته الثورة والحرب من القاعات المغلقة
ويضيف «دانيش» أنه يمارس هوايته فى الغناء والشعر والمشاركة مع الفرق الغنائية منذ نحو 25 عاماً، وبسبب أحد أشعاره التى كانت تردد عن القومية الكردية، تم اعتقاله منذ ديسمبر عام 1988 حتى مارس 1992، لكنه فور خروجه من المعتقل الذى كان يردد فيه الأغانى والأشعار التى كان يحفظها، انضم للخدمة العسكرية بالجيش العربى السورى وقضى به نحو عامين، ليلتحق بفرقة موسيقية بمدينته قامشلى وهى فرقة «بوطان»، تقيم حفلاتها بعيد النوروز الكردى، والمناسبات الكردية التى يقدمون فيها الشعر الكردى والألحان الكردية: «حتى بعدما اعتقلت بسبب الفن ما زلت أمارس الدق على العربانة (الطبلة)، فالشعر والألحان والفن وسيلة الشعوب للتعبير عن حريتها وكيانها، كنا نغنى للثورة والثوار، وبعدما ساءت الأحداث وأصبحت جبهات قتال كنّا نغنى للمقاتلين على الجبهات نشد أزرهم».
ويشير «بوطان» إلى أن الكرد استغلوا الثورة للتنفيس عن الفن المكبوت داخل قاعاتهم وأخرجوه للشوارع وأصبحوا يقيمون حفلاتهم فى الأماكن المفتوحة، والظهور على الفضائيات ويسافرون إلى الخارج للمشاركة فى المهرجانات الفنية: «نحب نخلى العالم يشوف ثقافتنا وفولكلورنا».
«جواهرة» تحارب «داعش» بالرقص والغناء على الجبهات: «بعد استشهاد أخى صار عليّا عهد إنى أحمس المقاتلين ياخدوا حقه».. و«دانيش» اعتقل لأكثر من 3 سنوات فى الثمانينات على يد النظام السورى بسبب الفن الكردى.. وخرج لينضم لفرقة غنائية
وحول وضع الفن قبل الثورة السورية، يقول «دانيش»: «كان الأكراد ثقافتهم ولغتهم والطرب والمسرحيات والسينما والدبكات (الرقصات الشعبية)، كله كان عندنا خط أحمر، وكان علينا سلطة قبل الثورة لكن بدأ يصير فيه فرص كثيرة، من ناحية الفن خاصة الأغانى أثرت على الشعب بالكامل، وصاروا يحتضنون الأغانى بكل ترحيب».
ويتذكر «دانيش» أن الغناء الحماسى خلال الحرب السورية الأخيرة أمام تنظيم داعش، جمع المكونات مع بعضهم، حتى إنه صُممت أغانٍ لمؤازرة الجنود بل حتى تم تصويرها على جبهات القتال التى لا يزال بها اشتباك، ليقول: «قواتنا كانت قاتلت فى مدن كثيرة، مثل عين عيسى والشدادى وتل براك، وهم كانوا يتوجهون للعاصمة الداعشية الرقة، وقلنا إنه لا بد أن نشتغل على أغنية حماسية لجنود الحرب واشتغلنا على الأغنية باللغة العربية لأن كل المكونات بقوات سوريا الديمقراطية وهى من كلمات أحمد العلى وألحان بيكس دارى ورُحنا على الطبقة (تبعد عن الرقة بنحو 45 كيلومتراً) التى كانت لا تزال فيها اشتباكات وكنا قريبين من الرفاق الذين يقاتلون وصورنا الكليب».
ويوضح أنه قبل الثورة السورية لم تقم أى أكاديميات ولم يكن هناك مجالات للمسرح ولا الرقص الفلكلورى ولكن بعد الثورة أصبح هناك أكاديميات للفن والثقافة والشعر، وأصبحت المراكز الثقافية تعلم الأطفال الصغار، معلقاً: «تعمرت أكاديمية روج آفا (شمال سوريا)، واستغللنا الحدائق العالمة فى مدن القامشلى والدرباسية وعامودا لإقامة الحفلات والدبكات (الرقصات)، وأصبحنا نعمل معارض للشعر والكتب والقصص»، مشيراً إلى أن الفن ساعد على كسر الخوف فى قلوب الناس فى شمال سوريا قائلاً: «الفن كسر الخوف بقلوبنا إيش ييجى على قلبنا بعدما شعرنا بالحرية»، موضحاً أن الأغانى المصرية القديمة كعبدالحليم وأم كلثوم لا تزال موجودة تغنى على المسارح، متابعاً: «أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم هادول أصل الفن ونحن ما زلنا نسمعهم وأنا شخصياً أسمع أم كلثوم بشكل كبير».
الحرية التى أفرزتها الثورة لم تدفع «دانيش» وحده الذى كان قبلها يصارع من أجل حرية الفن والشعر القومى الكردى، بل إنها سمحت لمن لم يكن لهم أى صلة بالفن إلى الغوص فيه، هذا ما جرى لـ«جواهر جولى»، سورية كردية، 30 عاماً، من مدينة قامشلى فى أقصى الشمال السورى، هى تشارك فى الفرقة الغنائية بمركز ثقافة محمد شيخو فى مدينتها، وكانت شاركت فى مجال المسرح فى بداية نشاطها منذ عام 2011، وتحدد هذا العام الذى اندلعت فيه الثورة، لتبرر أنه قبل هذا العام لم يكن يحق لها ككردية أن تشارك فى هذا المجال بل إن مراحلها التعليمية توقفت عند الصف الخامس الابتدائى: «قبل الثورة كان فيه ضغوط وثقافتنا مجالها ضيق، ولكن بالثورة صار عندنا أماكن للثقافة، وفى البداية كنت بالفرقة تبع الدبكة والفلكلورية، لكن بعدين حبيت أغنى وأشارك فى مجال الغناء من أجل ثقافتنا نحن كأكراد إننا نبقيها وما تموت فى ظل الحروب»، ولم يكن هذا دافعها الوحيد بأن تحافظ على تراث قوميتها الكردية، بل إن شقيقها الصغير استشهد خلال المعارك التى اندلعت فى مدينة رأس العين أمام تنظيم «داعش» فى 2014 وهو ضمن صفوف قوات حماية الشعب الكردية، ومن حينها اختلف وضعها ونظرتها إلى المسرح والفن، لتعلق: «الأول كنت أدافع عن شعبى وثقافته، لكن بعدين بقى فيه دم أخينا اللى ما يروح هدر، صار عليّا عهد إنى أحمس الجنود حتى ياخدون حق أخى، وبأى طريقة كان لازم أشارك أكثر، حسيت حالى مجبورة أفعل أى شىء، وكنا نحمس الجنود والمقاتلين بالأغانى الثورية لأن الأغانى الثورية أكثر شىء يحمس العالم ونعطى رسالة للعالم».
وتشير «جواهر» إلى أنها شاركت مع مجموعة تدعى «ساسكار» بالمركز على مستوى منطقة «الجزيرة» بشمال سوريا، وذهبوا إلى منطقة الطبقة لتصوير أغنية من أجل مدينة الرقة التى كانت القوات تتحضر للحرب من أجلها، وأنهم اختاروا موقع التصوير فى إحدى المناطق خلف سد الفرات ولكنهم فوجئوا أنهم كانوا يقفون فوق موقع دفن جثث الدواعش، حيث أتى إليهم أحد الضباط وأخبرهم أن هذا المكان دفن فيه الدواعش قبل أيام قليلة، معلقة: «هيك كان حالنا نصور على الجبهات وفى المناطق الصعبة ما نكون نتعب متل الجنود، وحتى بعد ما تنتهى الحرب والثورة ما راح نترك الفن لأن تراثنا الكردى هو لأجدادنا ولازم نكمل».
أول آلة موسيقية كانت الناى صُنعت بيد إنسان كردى قبل الميلاد بـ20 ألف سنة.. واكتشفها عندما نفخ فى عظمة كلب أو نمر فأخرجت صوتاً
فى قرية «سنجق خليل»، إحدى القرى الواقعة على الطريق من مدينة «عامودا» أقصى مدن الشمال السورى إلى مدينة «الحسكة» التى تقع جنوبها، عاش أردلان سليمان، 36 عاماً، وهو ابن رجل كردى مناضل عن حقوق قوميته ومشهور فى منطقته، كان يساعد والده فى الحقل، حيث كان مزارعاً مع والده لكنه تبع والده فى النضال لكن بطريقة أخرى غير الهتاف والنشاط السياسى، حيث قبض بيده على «العود» والآلات الموسيقية ليعزف ويغنى من أجل القضية الكردية والسورية، خاصة بعد اندلاع الثورة السورية فى عام 2011، وشارك فى تصوير الكليبات أمام مناطق الاشتباك التى تدور رحاها، يبرر توجههم إلى جبهات القتال بأن الزعيم السياسى للأكراد «عبدالله أوجلان» قال فى أحد مواضيعه إن الفنان حينما يقول كلمة مؤثرة فى نفوس الشعب مثلما يصوب المقاتل على هدفه بدرجة 100% وأن الغناء يؤثر تأثيراً مباشراً على معنويات المقاتلين فى الجبهات للدفاع عن الحق.
يوضح «سليمان» أنه بسبب فرض قيود على الفن قبل 2011 كانوا يحولون اسم «كردستان» (الدولة التى يحلم الكرد بتأسيسها)، باسم الوردة أو الحبيبة، معلقاً: «كنا نشبه عشقنا لها بعلاقة البلبل والوردة»، مشيراً إلى أن أغلب الموضوعات مستوحاة من المعارك والحرب خاصة الحرب ضد تنظيم «داعش»، وكذلك الدولة التركية التى تعتدى على المدن السورية، وأن أحد الأغانى التى قدموها قامت تركيا بحجبها موقع يوتيوب وكانت بعنوان «Efrîn tola salan» وتعنى «عفرين انتقام السنين».
ويضيف «سليمان» أن أغلب الأغانى التى غنت فى الشمال السورى لمؤازرة الجنود كانت جماعية والسبب هو تأكيد قوة المجموعة وأنه من النادر أن توجد أغنية تغنى بشكل فردى وتكون أغانى للشهداء، إلى جانب الأغانى التى تعنى بقصص الحب، مؤكداً أنه منذ اندلاع الحرب فى سوريا أمام تنظيم «داعش» وقد زاروا كل الجبهات التى اندلع فيها قتال وغنوا للمقاتلين، حتى بعد مقتل أخيه الذى يصغره بخمس سنوات على إحدى الجبهات بمدينة الحسكة فى يوليو عام 2014، معلقاً بقوله: «والله رُحنا لكل الجبهات فرقة جودى معروفة بأغانيها الثورية، ذهبنا لكل الجبهات فى الشمال السورى ما عدا عفرين لأنها سقطت قبل أن نذهب إليها».
المهرجانات تستمر لـ10 أيام ونقيمها فى ظل حرب طاحنة وقطع للرؤوس على الهوية.. وأول مهرجاناتنا شارك فيه 732 طفلاً وهناك أبحاث قام بها فنانون ومثقفون تثبت تعرضنا لنهب التراث والفلكلور والأدب من بعض الدول والحكومات الإقليمية
ويقول محمود عبوش، صاحب الـ54 عاماً، من المكون العربى وابن محافظة الحسكة فى الشمال السورى، إن الفنانين فى الشمال السورى كان على عاتقهم مهمة كبيرة وأنهم ليسوا بعيدين عن المعركة وأن لديهم ما هو مثل السلاح والبارود من خلال إشعال روح الحماسة فى نفوس المقاتلين ليواجهوا الإرهاب بجميع مسمياته، مؤكداً أنه يعمل بالمجال الغنائى قبل عقود بل حتى من فترة المرحلة الابتدائية وكان يشارك فى المهرجانات الرسمية والسهرات التليفزيونية وإذاعة محافظة الحسكة، مشيراً إلى أن بعض أقاربه استشهدوا خلال المعارك الأخيرة أمام الإرهاب، لكن الفرصة لم تسمح له لكى يذهب إلى الجبهات لشد أزر الجنود رغم تأكيده على أهمية دور الفنانين فى محاربة «داعش» بالكلمة واللحن.
أما محمد على شاكر، وهو من المكون العربى وأحد أبناء مدينة الدرباسية التى تقع على الحدود التركية، فقد بدأ فنه منذ عامه الثامن، وتنقل إلى كامل المدن السورية يقدم حفلات غنائية ويشارك فى المهرجانات والمناسبات المختلفة، بل حتى زار تركيا ليقدم حفلات غنائية، مشيراً إلى أنه يناشد من خلال حفلاته عودة أبناء الشمال السورى الذين تركوا مدنهم إليها طالما أن هناك أخاً له يحارب من أجل الدفاع عنه معلقاً: «أقول لهم إن كان عندكم أمان فعندنا الأمان أكثر 100 مرة، لأنه إذا صار لك شىء، فلن يدافع عنك أحد مثل هنا، وأن سوريا هى وطن يجب الدفاع عنه»، مؤكداً أن الفنانين فى الشمال السورى متفقون على محاربة الإرهاب بأغانيهم طالما لم يحملوا السلاح، وأن ذلك بدا واضحاً من كثرة الأغانى الحماسية التى تشد أزر المقاتلين فى الشمال السورى والذى تحول إلى فن الحرب.
ويوضح «شاكر» أن لديه فرقة غنائية يقوم من خلالها بالمشاركة فى المناسبات والمهرجانات بل حتى حفلات الزفاف، وأنه شارك بتقديم الأغانى الوطنية التى تحمس المقاتلين، إحداها أغنية على الشهيد واثنتان أخريان واحدة عن الفيدرالية وأخرى عن قوات سوريا الديمقراطية التى تحارب تنظيم داعش فى الشمال السورى، مشيراً إلى أنه قبل الثورة السورية كانت هناك قيود وعوائق أمام الفن فى الشمال السورى ويمكن أن تكون فى سوريا كلها، معلقاً: «كل كلمة كنا نحكيها نتحمل مسئوليتها كما يقولون أما بعد الثورة فأصبحنا نغنى ونختار الكلمات عن الشىء اللى بدنا إياه، لأنه من حق أى إنسان إنه يطلع الشىء اللى جواته، وبعدين الفن ما إلُه علاقة بالسياسة»، لافتاً إلى أن الأوضاع السياسية والأمنية وكذلك الحرية جعلت الفن يظهر ويتحول إلى فن الثورة والحرب.
ويقول بيكس دارى، مدير مركز محمد شيخو للثقافة والفن فى مدينة قامشلى، إن الفن فى شمال سوريا حدثت به طفرة قلبت أحواله 180 درجة، حيث منحته الثورة فرصة ليظهر إلى الساحة بكل ما يحمله من تراث حضارى وقومى من دون عوائق أمنية وسياسية، موضحاً أن المركز الذى يديره للفن والثقافة تم افتتاحه منذ 5 سنوات بعد الأزمة التى أعقبت الثورة السورية، وأن الهدف منه هو إحياء التراث الثقافى والفنى الكردى والعربى ولبقية المكونات الموجودة فى شمال سوريا، موضحاً أن الفكر السائد لدى الجميع أن الإدارة السياسية التى تحكم شمال سوريا هى للأكراد فقط، ولكنها إدارة من جميع المكونات الخاصة من عرب وكرد وسريان وأرمن ومسيحيين وشركس وتركمان، مضيفاً أن الأمر نفسه مع الفن والثقافة وهو الهدف الذى أنشئ لأجله المركز لإبراز المجالات الفنية من الموسيقى والغناء والمسرح وفن الأطفال والفلكلور ودبكات (رقصات) المنطقة.
«دارى»: افتتحنا مركز «محمد شيخو للثقافة والفن» لإحياء التراث الكردى والعربى ولبقية المكونات.. وأقمنا 3 مهرجانات فى العيد العالمى للمسرح
ويشير «دارى» إلى أن المركز تمكن فى خلال 5 سنوات من إقامة 3 مهرجانات للمسرح قدمت أعمالاً على مستوى سوريا وخارج سوريا كشمال العراق وتركيا، وكانت تشمل نحو 4 فرق مسرحية واشتملت المهرجانات على جوائز وعروض فنية على مستوى عالٍ، موضحاً أن المسرح الكردى بصفة خاصة كان يعانى صعوبات خلال السنوات الماضية بسبب الظروف السياسية التى كانت موجودة بسوريا، معلقاً: «كان المسرح الكردى يعانى بسبب النظرة الضيقة للسياسة السورية تجاه الأكراد، فكان المسرح الكردى ينحصر فقط فى أعياد النوروز وكان أقرب ما يكون إلى المسرح الشعبى الذى يطرح القضايا الكردية القومية والتاريخ الكردى والانتفاضات والثورات الكردية، فكانت أغلب الأمور تدور حول هذه المعطيات»، لافتاً إلى أنه تم إقامة 3 مهرجانات لتوسيع النشاطات الفنية وأنه من إنجازات هذه المهرجانات التى كانت تقام فى 27 مارس من كل عامة بمناسبة اليوم العالمى للمسرح، أن كلمة المسرح العالمى تكتب بأكثر من 27 لغة خلال إحياء مناسبته، لكن بجهود المركز والمهرجانات التى أقامها وبإشراف المخرج المسرحى عبدالمنعم إبراهيم، مدير فرقة شانو للمسرح، بإطلاق مبادرة، حصلوا خلالها على توقيعات من أغلب المسرحيين والمفكرين والأدباء وتم رفعها للمركز الأساسى الموجود فى أوروبا للمسرح العالمى وتمت الموافقة وأصبحت تكتب باللغة الكردية.
وحول الموسيقى والغناء، يضيف «دارى» أنه قام فى 22 من ديسمبر الماضى بإحياء مهرجان «أوركيش» تحت شعار «الغناء والموسيقى تعبير عن حقيقة الشعوب»، مشيراً إلى أن المهرجان شمل كل المكونات الموجودة بسوريا وكان من ضمن شروط المهرجان أن يكون على الأقل أغنية فلكلورية لكل شعب، وأيضاً أغنيتان لكل فرقة موسيقية مشاركة فى المهرجان، وأنه خلال هذا المهرجان حصل المركز على 120 أغنية حديثة من ناحية الألحان والكلمات والتوزيع والموسيقى، وأنه تم توثيق كل هذه الأغانى وأصبحت عبارة عن كليبات حالياً.
وعن فن الأطفال يقول «دارى»: «كما ذكرت أننا أقمنا 3 مهرجانات كبيرة الأول منها شارك فيه 732 طفلاً فناناً، هذا المهرجان كان لفترة 10 أيام، فتخيل ظروف الحرب القائمة فى سوريا والناس تقتل فى الشوارع وتُقطع الرؤوس على الهوية، وثقافة قتل الآخر بحجة الاختلاف على المذهب والعرق، فكان الهدف من الفعاليات ألا نتأثر بثقافة الحرب، ونحولها إلى ثقافة الفن، لأن الفن يهذب الروح ويصقل التصرفات والعقل».
«سليمان»: الكلمة المؤثرة مثل المقاتل الذى يصوِّب على هدفه بدرجة 100%.. ورُحنا كل الجبهات عدا «عفرين».. وتركيا حذفت أغنية لنا من «يوتيوب»
وحول الجهات الراعية للثقافة فى ظل حكم فيدرالى فرض نفسه من إدارة ذاتية تحكم الشمال السورى بعيداً عن سلطة الرئيس السورى الحالى بشار الأسد، يوضح «دارى» أن هناك جهتين للثقافة فى سوريا، يوضح أن الجهة الراعية فى شمال سوريا هى هيئة الثقافة وهى هيئة حكومية تابعة للإدارة الذاتية التى تحكم شمال سوريا، والفضل الأكبر فى تأسيس هذه الهيئة يعود لحركة الثقافة والفن الديمقراطى، وهى حركة مستقلة بأعمالها تشكلت من 35 عاماً وتضم أفراداً من جميع أجزاء كردستان والموجود بها أكراد، ومن ضمنها الشمال السورى، ولكن أغلب فعاليات الحركة كانت بالتنسيق مع الإدارة الذاتية التى تحكم الشمال السورى.
ويشير إلى أن تحولات كثيرة حدثت على الفن والمسرح السورى فى الشمال، لأنه فى الماضى كانت هناك قيود وقوانين صارمة فُرضت تحت ظروف سياسية تعيشها سوريا، خاصة منطقة الشمال، لم تسمح بالتعددية خاصة من الناحية العرقية والدينية والمذهبية نتيجة سياسة الحكم، وأن كان به نوع من الإقصاء لبعض الفئات، خاصة الكرد، وكانت أغلب الحياة الثقافية الكردية متمثلة فى عيد النوروز القومى فقط لا غير، لكن التحولات التى حدثت ما بين 5 إلى 7 سنوات، كانت خطوات جبارة فى ظل ظروف الحرب والقتال الشرس، متابعاً: «لأنه على امتداد 900 كيلومتر جغرافى جبهات مشتعلة، فكنت أنت بيد تدافع عن أهلك وثقافتك ويد أخرى تشارك بكل الفعاليات يعنى أن تحيى هذا الطراز والفلكلور، وهذا الإرث الرائع، لأن منطقتنا من دجلة إلى الفرات منطقة مباركة ومن أقدس الأماكن الموجودة على الكرة الأرضية من الثقافات، بها الفرس والكلدان والأرمن والعرب والأكراد وهم أصحاب ثقافات هائلة جداً ومتنوعة، فكان من واجباتنا المحافظة على فن وثقافة هذه المكونات لعدم تشويهها».
ويضيف «دارى» أن هناك أبحاثاً كثيرة على مستوى المجال الثقافى والفنى يقوم بها فنانون ومثقفون، تكشف كيف تعرضت هذه المنطقة والبقعة الجغرافية عبر المائة سنة السابقة لنهب التراث والفلكلور والأدب من بعض الحكومات والدول الإقليمية وأنهم عاشوا على الإرث العربى والكردى والسريانى والأرمنى، معلقاً: «دول إقليمية كانوا يسرقون إرثنا ويحاربوننا به، أبسط مثال أجيبلك أن أغلب التراث التركى مسروق من الأغانى الكردية والفلكلور الكردى، مسروق من مناطقنا، مئات الأغانى والألحان والكلمات كانت تحرف ضد أصالة هذه الشعوب، فكان من واجبنا المحافظة على كل ما هو أصيل والبعد عن التقليد والفن الهابط»، موضحاً أن ظروف الحرب والثورة فرضت حالة وطابع ثورة غلبت على حركات النهوض والثقافى والأدبى والموسيقى والمسرحى، وأنه 90% من الأغانى التى قدمت خلال السنوات الخمس الماضية كانت تدعم المقاتلين الموجودين على الجبهات، وكذلك الأعمال المسرحية بل حتى على مستوى الرسم، وأنه فى بعض الأحيان كانت الكليبات تصور على الجبهات التى لا تزال مشتعلة، وصادفت فى بعض الأوقات أن الفنانين رقصوا وكانت مدفونة تحت أقدامهم جثث للدواعش.
وعن وزارة الثقافة السورية التابعة لحكومة الرئيس الحالى بشار الأسد، أكد أنه لا يوجد لها مقر نشط أو فعالية فى كل الشمال السورى، وأنه يوجد فقط فى مدينتى «الحسكة والقامشلى» مراكز ثقافة فى المربعات الأمنية للنظام السورى ولكن بدون أى نشاطات أو فعاليات، وأن رواتب العاملين فى المراكز الثقافية تدفع من موازنة الإدارة الذاتية التى تحكم الشمال السورى.