كانت حلقة البرنامج الدينى على وشك أن تنتهى، حين ألقى الضيف بقنبلة.. قال إن للزوج حقاً فى راتب زوجته نظير سماحه لها بقضاء وقت خارج المنزل!!! فطن مقدم البرنامج إلى أن ما يقوله الشيخ أشرف الفيل، الداعية بالأوقاف، سيثير الجدل، فحاول أن يعارضه، لكنه صمم على رأيه!، بحثت فى الأمر بعد قليل، فوجدت الرجل قد وضع المقطع الذى يطلق فيه الفتوى على صفحته الشخصية على «فيس بوك».. ووجدت أيضاً أنه لم يبتدع الفتوى، لكنه ألقى فى وجوهنا برأى شائع بين كبار أساطين السلفية، مثل ابن باز وابن العثيمين.. والفتوى تقول ببساطة، وكما ورد حرفياً، إن للزوج حقاً فى مال زوجته نظير موافقته على عملها! والفكرة هنا أن شيوخ السلفية هؤلاء لا يقولون مثلاً إن على الزوجة أن تسهم فى نفقات المنزل انطلاقاً من مبدأ الشراكة مثلاً!، أو لأنها ندٌ للرجل لا سمح الله، ولا لأن الأعباء صارت ثقيلة وتوجب المشاركة.. إطلاقاً! هذه الفتوى تقول إن للزوج حقاً فى مال زوجته إذا عملت، لأن زوجته بعد الزواج صارت ملكه.. ووقتها صار ملكه.. لذلك فإن من حقه أن يحصل على نسبة من الأجر الذى تحصل عليه له وحده! هذه النسبة ليست نسبة بسيطة.. ليست حق الدخان لزوج عاطل! ولكنها نسبة يقدرها فقهاء استغلال النساء بنصف راتب الزوجة، أو الثلث على أقل تقدير!
لست فى حاجة إلى القول إن هذا ما كان يطبق حرفياً مع العبيد والإماء، حيث يتيح السيد للعبد أن يعمل خارج منزله، مقابل أن يحصل على نسبة من أجره أو أجره كله!
الخطير فى هذه الفكرة أنها تفترض أن الزوجة مملوكة ملكية خاصة لزوجها، وأن من حقه أن يحصل على مقابل لهذه الملكية، فداعية الأوقاف السلفى يرى أن (نفقات البيت كلها على الزوج، والزوجة العاملة لها حساب مستقل تضع فيه راتبها.. والزوج يحصل على جزء منه نظير اقتطاع وقتها)!
أما ابن العثيمين، فيرى أن الراتب من حق الزوجة إذا نص عقد الزواج على حقها فى العمل، أما إذا لم ينص العقد على حق المرأة فى العمل، فللزوج أن يحصل على نصف الراتب أو ثلثيه!! (ثلثين وليس ثلثاً واحداً).
أما الشيخ ابن باز، فقد أرسل له زوج (نطع) يقول إنه جاء مع زوجته مرافقاً بلا عمل وأنها ظلت تمنحه جزءاً من راتبها، حتى وجد عملاً وصار له دخل، فامتنعت عن دفع جزء من راتبها له.. فأفتى له الشيخ بأن من حقه الشرعى الحصول على جزء من راتب زوجته إن لم يكن بالتراضى، فبالإجبار!!
هل علمتم ما الأساس الشرعى الذى يستند إليه آلاف الأزواج العاطلين الذين يجلسون فى البيوت ويرسلون زوجاتهم للعمل؟، هل علمتم أن إصلاح الفكر الدينى هو أساس الإصلاح الاجتماعى وأساس نهضة هذا البلد إذا كان مكتوباً لنا أن نرى نهضة.. هل علمتم أنه لا يمكن أن نظل هكذا دون إصلاح الفكر والخطاب الدينى، ليكون مطابقاً لمواثيق حقوق الإنسان وقواعد المساواة.. وأنت يا وزير الأوقاف: ما فائدة أن تمنع مشايخ السلفية من صعود المنابر، ثم تطلق علينا دعاة سلفيين تابعين لوزارتك؟