(هو انت مش معاك موضوع غير نقد الإخوان.. ده كلهم فى السجن).. عبارة يرددها الإخوان تعليقاً على مَن ينتقدهم، وكان من الممكن أن يكون هذا الكلام صحيحاً لو أن الإخوان أشخاص وليسوا أفكاراً، أو أن الجماعة انكبّت على محنتها وتوقفت عن نشر أفكارها، أو أن القائمين على التعليم والثقافة والخطاب الدينى عندنا بذلوا جهوداً فى بيان انحراف فكرهم، لكن من بين العلماء الأزهريين نجد أن الذين فنَّدوا فكر «حسن البنا» لا يتجاوزون أصابع اليد، وفى المقابل فإن الكتب التى ينشرها الإخوان عن «البنا» والتسويق لفكر الجماعة تعدَّت المئات، ولم يسأل واحد: لماذا تنشرونها وأنتم فى محنة؟! والإجابة ببساطة: لتظل الجماعة تنشر أفكارها المنحرفة، واستدلالاتها المضطربة، فإن قام واحد ليستعرض على مائدة الحوار العلمى مقولاتهم رفعوا فى وجهه العبارة الخادعة: اسكت فنحن فى محنة.
إن جماعة الإخوان -التى تطالبك بالسكوت عن نقدها على اعتبار أنها فى محنة- تملك 60 ألف موقع نشط على صفحات التواصل الاجتماعى، وأعداداً لا حصر لها من المواقع التى تنشر المئات من كتب «البنا وقطب ويكن ومشهور»، ودفعت المليارات من أجل تأسيس فضائيات تنشر أفكارها، وجرَّب أن تكتب على «جوجل» مسألة فكرية تتعلق بالجماعة سترى معظم النتائج تصب فى مصلحتها.
على أن المقرر فى المباحث العلمية أمران:
أولهما: أنه لا ارتباط بين مناقشة الأفكار وبين أصحابها، فالانحراف والاضطراب فى أفكار مثل: التمكين، والجاهلية، والجهاد، وانقطاع الدين، والوعد الإلهى، وحتمية الصدام، وعسكرة السيرة.. إلخ يجب أن يناقش سواء أكان أصحاب هذه الأفكار خارج السجون أم داخلها، أحياء أم أمواتاً.. فى منحة أم فى محنة، بدليل أننا نناقش أفكار الخوارج القدامى وقد ماتوا منذ مئات السنين.
وثانيهما: أن المحن لا عبرة بها فى مدارك الصواب، ولا تدل على سلامة المنهج، فقد دخل يوسف -عليه السلام- السجن وهو على الحق، ودخله معه فتيان مشركان وهما على الباطل، ويُمتحن بالسجون أهل الحق كالأنبياء وأهل الباطل كالملاحدة.
وأخيراً فإن النقد العلمى المتزن لفكر الإخوان غير موجّه لأصحاب المحنة، بل موجه للأجيال المتحيرة المضطربة التى تنتظر بياناً شافياً، والممتنع عن هذا البيان -مع قدرته عليه- خوفاً من التعليقات البذيئة أو انخداعاً بأنهم فى محنة وقع فى خيانة للدين والعلم.. بل خيانة لكل إخوانى أراد أن يراجع نفسه فوجد أهل العلم سكتوا عن بيان انحراف ما تورط فيه.