هل يمكن توحيد العملة وإنشاء سوق إفريقية مشتركة؟
محافظ البنك المركزي
قال فيكتور هاريسون، ممثل مفوضية الاتحاد الإفريقي، إن إفريقيا في حاجة إلى سوق مشتركة لدعم التبادل التجاري فيما بينها، مشيرًا إلى الاستراتيجية التي أُقرت خلال اجتماعات جمعية البنوك المركزية الإفريقية، في مالابو 2015، والتي تهدف إلى إنشاء معهد مصرفي، وبنك مركزي، وعملة إفريقية مشتركة لدول القارة.
وأضاف هاريسون خلال الكلمة التي ألقاها، أمام الاجتماعات السنوية لجمعية البنوك المركزية الإفريقية، المنعقدة في مصر لأول مرة هذا العام، في مدينة شرم الشيخ، أن الاستراتيجية المشار إليها تتطلع إلى تحقيق أهدافها بحلول عام 2045، وأنه قد تم تعيين مستشاريين اقتصاديين لبحث الأمر.
الدكتورة عالية المهدي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة وعميد كلية اقتصاد وعلوم سياسية سابقًا، علقت على هذه التصريحات قائلة إنها ربما تكون غير قابلة للتطبيق على أرض الواقع وفقًا للمعطيات الحالية، وذلك لعدة أسباب، على رأسها كثرة الخلافات السياسية بين الدول الإفريقية، بالإضافة إلى ضعف حجم التجارة البينية بين هذه الدول، ما يجعل إنشاء سوق إفريقية مشتركة مقترح غير ذي قيمة.
من جانبه أشار، الدكتور أحمد خزيم، الخبير الاقتصادي ورئيس منتدى التنمية والقيمة المُضافة إلى مقترحات سابقة مشابهة لم تؤت ثمارها، ذكر على رأسها اتفاقية الكوميسا التي عقدت عام 2005 بين 19 دولة إفريقية لإنشاء منطقة تجارة حرة، ولم تفعل بنودها حتى الآن، مشيرًا إلى أن حجم التبادل التجاري بين الدول الإفريقية انخفض انخفاضًا حادًا في 2017 ليصل إلى 38 مليار دولار بدلًا من 63 مليار دولار في 2016، وهي أرقام ضعيفة للغاية.
وأضاف خزيم أن النهج الاقتصادي الذي تنتهجه معظم الدول الإفريقية هو نهج إيرادي، يعتمد على البحث عن الإيرادات والموارد الاقتصادية المباشرة، ما يجعل اقتصادات الدول ضعيفة وهشة، على عكس الدول الأوروبية التي تنتهج ما يعرف باقتصاد القيمة المضافة، والذي يعتمد على التنمية وتحسين وسائل الإنتاج، مشيرًا إلى أن معظم الدول الإفريقية لديها مقومات اقتصادية عالية في مجالات الزراعة والصناعة والسياحة، إلى أنها لم تستغل بعد الاستغلال الأمثل.
بدوره، لفت الدكتور رشاد عبده، خبير الاقتصاد الدولي، إلى أنه بالرغم من أن مسألة توحيد العملة لها مردودها الإيجابي فيما يتعلق بتسهيل التجارة وانتقال البضائع، إلا أنها تخضع لمعايير كثيرة لا تتوافر في الدول الإفريقية، أهمها التقارب الاقتصادي والسياسي بين الدول المختلفة، مذكرًا بتجربة مجلس التعاون الخليجي، والذي كان على وشك اتخاذ خطوة مماثلة، قبل أن تعترض إحدى الدول كونها لن تتمكن من من تبني سياسات إنقاذ نقدية منفردة، مثل طباعة البنكنوت وتخفيض قيمة العملة.
ويشير عبده، إلى أن اتخاذ مثل هذه الخطوة بين اتحادات الدول التي تشهد تباينًا كبيرًا في قوة اقتصادها، حيث تكون تكون بعض الدول عنية جدًا أو فقيرة جدًا، قد يكون له تأثير كارثي على هذه الدول الفقيرة، لافتًا إلى أنه حتى الاتحاد الأوربي شهد كوارث مشابهة، أبرزها ما حدث لليونان عندما كُبلت أيديها عن تخفيض العملة لتعزيز صادراتها.