يبدو أنه كتب علينا نحن المواطنين أن نظل هدفاً لكل عمليات النصب التى تلازمنا طوال العام كـ«ظلنا» إلا أن بعضها يصل للذروة فى مواسم معينة، خاصة خلال فصل الصيف منذ إعلان نتيجة «الثانوية العامة» وقبيل بدء العام الدراسى الجامعى..!
وربما يأتى الطلاب الحاصلون على مجموع عال فى الثانوية يقارب الـ95% أو أعلى منه بقليل -ليترجموا المثل الشعبى الدارج «لا طال عنب اليمن ولا بلح الشام- ليمثلوا «وقود هذا النصب» سواء من جانب بعض الجامعات الخاصة «محلياً» -إن لم تكن معظمها- أو من جانب «إعلانات النصب» التى تنشرها الصحف للدراسة بالجامعات الأجنبية التى احترفت «مداعبة» أحلام وطموح هؤلاء النابغين بدراسة التخصص الذى يرغبونه بعد أن تمكن منهم اليأس من الالتحاق بالجامعات الحكومية..!
عن تجربة خاصة مع نجل شقيقه الذى حصل على الثانوية العامة هذا العام بمجموع أعلى بقليل عن 95% عرض الكاتب المبدع بشير حسن كيف خضع لهذا «النصب» من جانب الجامعات الخاصة بكامل إرادته أملاً فى أن يجد مكاناً لنجل شقيقه فى إحداها لدراسة الطب الذى يمثل حلم حياته..!
تحت عنوان «موسم ابتزاز المصريين» روى الكاتب الشاب كيف أنه أمضى عدة أيام «كعب داير» على الجامعات الخاصة -أشبه بما يمضيها أصحاب السوابق على مختلف أقسام الشرطة بالمحافظات- ليسدد مبلغ 1200 جنيه فى كل جامعة ثمناً لـ«استمارة الالتحاق» على الرغم من مفاجأة موظف شئون الطلاب بالجامعة لهما -وطبعاً بعد شراء الاستمارة وتسجيل البيانات بها- بإمكان عدم قبوله فى ضوء الأعداد المتزايدة من الطلبات التى سيجرى عليها تنسيق داخلى بالجامعة وهو ما يحقق للجامعة ملايين الجنيهات فى هذا الموسم وحده..!
هذا من جانب الجامعات الخاصة محلياً.. أما من جانب الجامعات الأجنبية فللأمر شأن آخر، إذ إن صفحات الإعلانات المبوبة بالصحف اليومية تزخر بعشرات الإعلانات التى تغرى الطلاب لدراسة الطب والهندسة إلى جانب درجتى الماجستير والدكتوراه فى أفضل وأرقى جامعات العالم، وتُعدد الإعلانات إغراءات أخرى للطلاب للالتحاق «قبول الطلاب بدون الحاجة إلى شهادتى .. سارع بالتسجيل فى البرنامج».. وهكذا يكون «الزبون» قد وقع فى الشبكة تماماً..!! Toefl-Ielts
ومثلما لـ«عمليات النصب هذه» مواسمها فلها أيضاً أدواتها.. فقد أكمل البعض بتصرفاتهم جهود «سيبويه» الذى نحت لنا قواعد الصرف والنحو للغة العربية التى كنا ولا يزال القليل منا نتحدث بها قبل أن نحشر بها تعبيرات أجنبية لزوم الوجاهة والمنظرة، حيث أضافوا العديد من الأحرف إلى حروف النصب!!.. وبدلاً من أن نكتفى بالأحرف الخمسة التى أورثنا إياها سيبويه «أن.. لن.. كى.. لام التعليل.. لام الجحود» التى تنصب فقط الفعل المضارع فقد فتحنا الباب على مصراعيه لنضيف حروفاً وأدوات «للنصب على المواطن وليس الأفعال المضارعة» ومن بينها «إذا.. عندما.. لما.. لو.. حينما» التى تنصب على المواطن وتحقق دخلاً محترماً لمن يستخدمها.. وإليكم بعض منها:
«إذا».. قرأت إعلاناً يؤكد لك قرب تحقيق أحلامك بامتلاك شقة أو شاليه على البحر فى الساحل الشمالى على أن تتسلمه خلال 6 أشهر، لتفاجأ بأن موقع هذا الشاليه بالقرب من «الواحات» وأنك لن تتسلمه مهما طال عمرك فربما يتسلمه أحد أحفادك..!
«عندما».. يؤكد أى مسئول عن رقابة الأسواق أن هناك عقوبات رادعة للمتلاعبين بالأسعار والتجار الجشعين فاعلم أن هذا الأمر مجرد أنه «ضحك ع الدقون» أو أنه يتحدث عن الرقابة على الأسعار فى «جمهورية شوم بونجا العظمى وعن الشعب الشوم بنجى الشقيق»!!
لو.. دفعت الحاجة أى شاب للعمل فى إحدى الشركات كموزع لمنتجاتها فوقتها سيتقاضى الخريج عمولة شهرية لن تكفيه بعد أن يتسلمها أول الشهر فى مشواره من الشركة حتى باب بيت أهله ولا أقول بيته لأنه «معندوش»!!
حينما.. يكون «النفاق» هو الهدف الأول لبعض مسئولينا الذين يحاولون إيهامنا بوطنيتهم وحرصهم على إظهار هذه الوطنية بإصدار تعليمات بعزف السلام الوطنى وترديد القسم فى بداية ساعات العمل اليومية فى أماكن تستوجب الهدوء والراحة دون أن يكون همهم الأول أداء مسئولياتهم..!ا
وقت.. أن ترى إعلاناً على إحدى قنوات تليفزيون بير السلم عن مسابقة تكون أسئلتها دائماً صعبة جداً على غرار «النهارده إيه فى أيام الأسبوع؟!».. شارك معنا واتصل على رقم كذا لتربح 60 ألف دولار.. وتظل تتصل لتستعرض ثقافتك وذكاءك أمام «أم العيال والجيران» الذين سيسمعون صوتك فى التليفزيون وأنت لا تدرى أن هناك اتفاقاً بين محطة التليفزيون وشركات الموبايل «علشان ينصصوا» فلوسك التى ستسددها نتيجة المكالمات وأنت تحلم بالستين ألف دولار!!
حين.. تتلقى رسالة من إحدى شركات الموبايل -يعنى «المحمول» على رأى بعض إخواننا العرب يعنى «الجوال» على رأى البعض الثانى يعنى «البورتابل» فى المغرب العربى يعنى «الخلوى» فى ترجمة أنيس عبيد فى الأفلام الأجنبية- تطالبك فيها بإعادة إرسالها إلى عشرين من معارفك وإلا ستتعرض لعقوبات سماوية..!! ووقتها ستبدأ فى الإرسال فوراً لأنك مش ناقص وخايف على «العيال» دون أن تكتشف أن مرسل هذه الرسالة موظف فى شركة المحمول علشان «تكع» سيادتك ويصرفوا هم حوافز وأرباحاً من فلوسك..!!
بقى شىء يتعلق ببعض حالات النصب التى نتعرض لها يومياً من جانب بعض الأجهزة الحكومية، التى تخطت كل الحدود ابتداء من لحظة تسلم المرتب الشهرى للمواطن الذى يكتشف أنه لا يكفى سوى بالكاد أسبوعاً أو عشرة أيام، خصوصاً بعد الضرائب التى تستولى الحكومة على الجزء الأكبر منها وتخصص جزءاً صغيراً منها للإعلانات عن القانون الجديد.. أما أموال التأمينات التى يتم خصمها شهرياً من مرتباتنا على أمل أن تعود إلينا عند الإحالة للمعاش فإن الحكومة «تطنش» ولا تعطى لنا منها حاجة عليها القيمة على الرغم من أن جميعها حق لنا باعتبار أنها قد استقطعت من أموالنا..!!
ألم أقل من البداية إن ممارسات بعض المسئولين معنا قد غيرت من قواعد النحو والصرف وأضافت إليها الكثير الذى لم يصل إليه «سيبويه» ولا حتى «اللى خلفوه»..!