هل نحن نعارض ضد النظام، أم نعارض فى قلب النظام؟
سؤال أتمنى من قوى المعارضة الإجابة عنه، سواء كانت أحزاباً قائمة، أو تحت التأسيس، أو فصائل وجماعات، أو حتى مجرد أفراد، وفى ما أعتقد فإن هذا السؤال أسهل نسبياً، وفى مستوى المعارض المتوسط، بدلاً من السؤال الأصعب، وهو لماذا لم يعد لنا تأثير فى الشارع، وكل تركيزنا على أثر ما نقوم به على نظام الحكم؟
والإجابة عن السؤال من شأنها أن تنير لكل من يضع نفسه فى خندق المعارضة الطريق ليسير فى معارضته، وفقاً لمنهج واضح ومتسق، وحتى لا تتضارب ردود أفعاله تجاه أى قرارات أو تصرفات من النظام الحاكم؛ وحتى لا نرى مثل الهتاف «الخائب» فى 25 يناير «الشعب يريد إسقاط النظام»، وكأنه مثلاً يريد نظاماً آخر للحكم، بدلاً من النظام الجمهورى.
الإجابة عن السؤال أيضاً ستكشف أين هى المعارضة «الوطنية الشريفة».. وأين المعارضة «المتواطئة العميلة»، التى تعمل لهدم دولها، ولصالح قوى دولية أخرى حددت أهدافها جيداً، كما حددت أدواتها لتحقيق تلك الأهداف؟ ومن ضمن هذه الأدوات قوى المعارضة فى الداخل، وفى هذا السياق يجب أن نسقط من حساباتنا تماماً المعارضة من الخارج، ممن يستقوون صراحة بالدول الأخرى.
وبطبيعة الحال لا نقصد أى قوى ممن يطلقون عليها المعارضة المسلحة، فهى خائنة دون شك، ولا يمكننا إلا أن نترك التعامل معهم عسكرياً للقوات المسلحة، باعتبارهم مرتزقة.
الشاهد أنه منذ عودة الحياة الحزبية فى مصر قبل أكثر من 40 عاماً ونحن أمام تمرين مشهور لأحزاب وقوى معارضة لا تعرف غيره، وهو التظاهر والاحتجاجات والرفض دائماً وأبداً.. مجرد الرفض دون طرح أى بدائل للسياسات التى يرفضونها، وهذا المنهج ما زال يسير عليه البعض دون أدنى تفكير فى محددات الواقع الآن، وما تواجهه الدولة المصرية ومنذ سنوات من مؤامرات لهدمها، والمعارض الواعى عليه أن يعرف دائماً حدود المكان والزمان وظروف اللحظة التى يعلن فيها موقفه، كما يعرف أيضاً أن تأييده للنظام أحياناً، خاصة فى تشابكاته مع الدول الأخرى لا يعتبر خيانة لأفكاره ومبادئه وإن تراوحت من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. بل يعد إفصاحاً غير مباشر عن وطنيته، وإنه يعرف تماماً «يعنى إيه كلمة وطن».
كما أن مسئولية التقدم بمصر إلى ما نتمناه جميعاً إلى الأفضل سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، لا تقع على عاتق النظام الحاكم وحده، لكنها أيضاً مسئولية المعارض الذى يسعى للبناء وليس الهدم، ولنا فى حرب الشائعات التى نواجهها الآن المقال الواضح، وفى ما تقوم الحكومة بمواجهتها والرد عليها أولاً بأول، يجب على المعارضة أيضاً ألا تتعامل معها وكأنها حقيقة، وتبنى مواقفها على هذا الأساس، ثم شيئاً فشيئاً تفقد مصداقيتها أمام الرأى العام بعد ثبوت كذب الشائعة التى تبنّتها.
أتذكر ما قاله لى يوماً زعيم حزب التجمع الدكتور رفعت السعيد، رحمه الله: نعارض حيث تجب المعارضة، ونؤيد حيث يلزم التأييد.