كنت قد توقفت فى مقالى السابق عند كلمة شديدة القسوة والمرارة بكل أسف ولها وقع موجع على النفس وهى كلمة (الخوف)!.
ولكنه الواقع بكل أسف، واقع بالغ الصعوبة تعيشه وتعانى ويلاته الكثيرات من النساء نتيجة ما يتعرضن له من عنف ومخاطر جراء الحروب والصراعات المشتعلة فى العديد من المناطق المجاورة، هذا العنف الذى بات لزاماً علينا جميعاً وليس فقط على حكومات الدول العربية المعنية بالأساس وضع حد له، بالسيطرة على دائرة الصراعات القائمة هنا وهناك، ليس فقط للحد من معاناة المرأة، ولكن أيضاً لإنقاذ جيل بأكمله أصبح يخسر حاضره يوماً تلو الآخر، وبات مهدداً كذلك بخسارة مستقبله، بعد أن حرمه العنف القائم من جميع حقوقه الأساسية كالصحة والتعليم وغيرهما، ومن قبلهما بديهيات العيش والمتمثل فى الشعور بالأمان.
فمهما كانت المعاناة التى نشعر بها نحن النساء فى بلادنا الآمنة - والتى تدعونا لنحمد الله عز وجل ليلاً نهاراً على نعمة الأمن والأمان - البعيدة عن دوائر العنف والصراعات، سواء بالتفكير فى توفير المتطلبات الأساسية للحياة اليومية أو فى الشعور بالمسئوليات اليومية تجاه أسرنا وأبنائنا، فكل ذلك لا يقارن أبداً بمعاناة امرأة مثلى ومثلك تستيقظ كل يوم وهى تشعر بحالة من عدم الاستقرار سواء كانت ما زالت تعيش فى بلدها الأصلى أو تعيش كمهاجرة أو لاجئة فى بلد آخر مجاور أو بعيد، تستيقظ فى مخيم من القماش فى ظروف مناخية متغيرة ما بين حر شديد أو برد وأمطار تتساقط، كل ذلك مع غياب واضح أو حتى متواضع فى أفضل الأحوال للخدمات الأولية والأساسية التى يحتاجها كل إنسان منا، وبخاصة الخدمات الصحية والتعليمية، وما بالنا وإن كان هذا الإنسان (امرأة) تحمل فى أحشائها روحاً أخرى لجنين لم يولد بعد، أو كانت هذه المرأة ممن وضعت حملها وحملت بين يديها رضيعاً يحتاج إلى رعاية طبية وعناية وتغذية سليمة وما إلى ذلك، وماذا لو كانت تلك المرأة أيضاً تستيقظ كل يوم فى الصباح ويستيقظ معها شعورها بالخوف من أن تُخطف أو تُغتصب هى أو إحدى بناتها، أو يأتى من يحمل فى يديه سلاحاً ليأخذ ابنها الذى ما زال صبياً من حضنها ويقوم بتجنيده، أو اعتقال زوجها أو والدها، أو ترى والدتها تتألم أمام عينيها ولا تجد الدواء ولا حتى الغذاء.. وغيرها الكثير والكثير من الصور التى تكاد أن تنفطر لأجلها قلوبنا، وتجعلنا فى الوقت ذاته نصلى ونشكر المولى عز وجل على ما نحن فيه من نعمة بالمقارنة مع وضع الكثيرات أمثالنا فى الدول الشقيقة والجارة.
مشكلات كثيرة جداً ولا حصر لها، منها القانونى، كإغفال الأهل تسجيل عقود الزواج فى مثل هذه الظروف، وما يترتب على ذلك من مشكلات تتعلق بنسب الأطفال الناشئين عن هذا الزواج، ولا يمكننا إغفال انتهاز شبكات الدعارة والاستغلال الجنسى التى تستغل انتشار الفقر والعوز فتستهدف النساء وتخضعهن لممارسات مشبوهة، ولا تتعجبون عندما تعرفون أنه وفى العديد من الأحيان تصدر تلك الممارسات غير الإنسانية الرخيصة من بعض الجمعيات الأهلية الخاصة التى تعمل بشكل مباشر بخدمة اللاجئين واللاجئات على وجه الخصوص.
والأمر يتعدى المشكلات القانونية للمشكلات الصحية والمجتمعية، كانتشار الزواج المبكر أيضاً نتيجة لغياب فرص التعليم فى ظروف اللجوء، وأيضاً عدم قدرة رب الأسرة على توفير نفقات الطعام ومتطلبات الحياة فيقوم بتزويج ابنته لتوفير نفقة إطعام باقى أفراد الأسرة.
وقد يحتاج الأمر منا إلى أن نفرد له مساحات ومساحات نسرد فيها تفاصيل من المآسى والأوجاع التى تعيشها نساء وفتيات بشكل يومى ومتكرر منذ سنوات وسنوات بسبب العنف الناتج عن الحروب والاشتباكات التى لا ناقة لهن بها ولا جمل!.