صعايدة من 3 محافظات: «إزاى ندفع فلوس للحكومة على بيوت ملكنا؟!»
مكاتب مصلحة الضرائب تستقبل المواطنين بمحافظات الصعيد
تستمر مكاتب الضرائب، فى محافظات «قنا، أسيوط، المنيا»، فى استقبال المواطنين لتسديد «الضريبة العقارية»، وسط موجات متنوعة بين الغضب من التحصيل، فضلاً عن جهل البعض بالضريبة أثار الكثير من اللغط، خلال الفترة الماضية، ففى قنا، تسود حالة من الحيرة والارتباك لعدم علم الكثيرين عنها، حيث اعتبرها البعض «جباية وإتاوة» من الحكومة على أملاكهم الخاصة فى ظل التعسف الذى يحمله القانون الجديد، والذى اعتبره العاملون فى الضرائب العقارية والمستثمرون أن حصيلته غير مجدية.. أما فى أسيوط، فإن مئات المواطنين والمستثمرين أكدوا أنهم يواجهون خطر التشرد والطرد والحبس سواء من منازلهم التى يعيشون بين جدرانها منذ عشرات السنين، أو مصانعهم خاصة المقامة على أراضٍ مملوكة للدولة، وفى المنيا، تتسع دائرة الأزمة، حيث المحصل لا يجد حماية ويتعرض للكثير من حيل الخداع والتضليل، ويعانى من إجراءات حجز إدارى عفى عليها الزمان، وذلك مواطن لا يملك ثقافة دفع الضريبة المستحقة حتى تعود عليه بالخدمات والتطوير، والكبار يتهربون من خلال وساطة المحاسيب وأصحاب النفوذ، ومنشآت تجارية مؤجرة كحق انتفاع تتبع فى أساس مجالس مدن لا تعترف بدفع تلك المستحقات.
ففى قنا، قال محمود عسر، مزارع مقيم فى مركز دشنا، إن «موظفاً من رجال المأمورية العقارية للمركز مرت على قريته فى أبومناع، ووجدت لديه حظيرة مواشى، ومنزلاً ريفياً، وطلب منه دفع قيمة إيجارية على أحدهما، وإلا سأتعرض للمساءلة القانونية طبقاً للغرامات المالية للقانون».
وأضاف «عسر»، لـ«الوطن»: «عندما قلت للموظف إن الحظيرة والمنزل ما يجيبوش 300 ألف، رد علىّ وقال (الإعفاء وحدة واحدة، وأنت تملك حظيرة منفصلة فى مكان بعيد عن المنزل)، متسائلاً: «ملكى وأدفع عليه فلوس للحكومة».
مواطنو قنا: «حتى حظائر المواشى لم تفلت من القانون».. مزارع: «إتاوة وجباية على أملاكنا».. وسمسار: «قانون غالى الأفضل.. والمزارع غير مستوعب للوضع الجديد»
أما محمود حسن، على المعاش قال لـ«الوطن»: «لم نرَ رجال الوحدات العقارية لتثمين الوحدات السكنية لتحسب عليها الضريبة العقارية، ولم نرَ أحداً لمعرفة القيمة الإيجارية، كل هذه القرارات، والقانون فوجئنا به من الإعلام».
وقال ناجح عبدالرحيم، أحد سماسرة العقارات فى قنا، إن «القانون القديم الذى أصدره يوسف بطرس غالى، وزير المالية فى عهد مبارك كان الأفضل»، موضحاً أن المواطنين غير متقبلين لهذا القانون، خاصة فى الأرياف الذى يمثل 70% من سكان المحافظة، فالمزارع غير مستوعب أن الحكومة تفرض ضريبة على عقاره أو حظيرة ملكه ورثها عن أبيه وأجداده. وأضاف «عبدالرحيم» لـ«الوطن»، أنه «على الرغم من أن الحكومة تجهد نفسها فى الضريبة العقارية، ولكن محصلتها قليلة حالياً، ولكن الأمر سيتغير مستقبلاً فى ظل ارتفاع الأسعار المتزايد للوحدات السكنية التى تقدر بـ1.5 مليون جنيه خلال عام أو اثنين سيدفع لها مستحقات ضريبية، لأن قيمتها ستتخطى 2 مليون جنيه»، لافتاً إلى أن هناك وحدات فى قنا قيمتها السوقية قاربت هذه المبالغ.
وقال أحد العاملين بالضرائب العقارية فى مأمورية قنا، رفض نشر اسمه، إن «القانون الجديد أرهقنا وجعلنا نسجل أصحاب الوحدات السكنية 13 مرة فى الدفاتر ونرسلها للمأمورية الرئيسية»، موضحاً أن آلاف الإقرارات الضريبية موضوعة فى المخازن وعلى الرفوف، ما يكلفنا تكاليف أوراق ونثريات كثيرة، دون جدوى، مشيراً إلى أن المحافظة بها قرابة مليون وحدة سكنية وحظيرة مواشى، وأن ما يدفع الضريبة لا يتخطون 10% فقط لأن غالبيتها معفى، كما أن القانون القديم كان الأفضل من الجديد من حيث العوائد، وعلى الحكومة إلغاء التعديلات على القانون الجديد.
وقال عطا لله ضمرانى، وكيل مأمورية الضرائب فى قنا، إن «مكاتب مأموريات الضرائب العقارية ليس عليها زحام فى محافظة قنا، وأن بعضها أرسلت رجالها إلى القرى للوقوف على أرض الواقع، وحررت نماذج الضريبة العقارية»، لافتاً إلى أن 90% من الوحدات معفاة لأنها سكن خاص للأسرة وأفرادها، لافتاً إلى أن الأمر غريب على الأهالى.
وأضاف «ضمرانى» لـ«الوطن»، أنه «تم حصر بعض المحلات التجارية، وأن المكاتب مفتوحة أمام الجميع من تمام الساعة الثامنة صباحاً لمن يعفى ويريد دفع الضريبة على وحدات يملكها أخرى حتى لا يضع نفسه تحت غرامات التأخير»، مشيراً إلى أن القانون الجديد عليه معالجة العقارات التى أصحابها لديهم «تكليفات»، حيث تواجهنا صعوبات فى التحصيل عندما نذهب لحصر عقار ويكون القاطنون به ورثة لشخص صاحب تكليف وفى هذه الحالة لا نعرف فرض الضريبة على الوريث ولا صاحب الأرض والعقار (الجد).
ممولون بالمنيا: الأعيان بالقرى لا يدفعون.. وهناك ازدواجية فى تحصيل ضرائب المنافع.. وموظفون: نحتاج حماية.. وإجراءات الحجز الإدارى عفى عليها الزمن.. والإقرارات موضوعة فى المخازن على الرفوف
وفى أسيوط، يقول فوزى هريدى: «أسكن فى شقة بالإيجار، فوجئت بصاحب العقار يطالبنى بسداد ضريبة عقارية قيمتها 900 جنيه، وعندما ذكرت له أن الضريبة على المالك قال لى إنهم يسألون المالك، ولكن يسددها المستأجر».
وأضافت منى عزت، مواطنة، أن «أغلب المواطنين يسكنون فى شقق بالإيجار، والدخل على قدر المصاريف، ونفاجأ بصاحب الملك يطالبنا بألف جنيه ضرائب عقارية نجيب منين؟».
وقال «مرسى عبدالقادر بشندى» أحد الأهالى من قرية بنى شعران: «أعيش أنا وأسرتى فى منزل مبنى على أرض أملاك دولة منذ الخمسينات، ورثته عن أبى، الذى ورثه عن جدى، وكنا نقوم بسداد إيجار الأرض للضرائب العقارية، وكانت قيمة إيجار المتر 50 قرشاً حتى عام 2006، إلا أننا فوجئنا بإنذارات بدفع مبالغ باهظة تتعدى 50 ألف جنيه قيمة الإيجارات، وإذا لم أسدد فسيحجزون على المنقولات، ويطردوننى وأبنائى إلى الشارع، بالإضافة إلى السجن».
وقال «سامح»، تاجر، إننا «نعانى خاصة التجار الصغار من التقديرات الجزافية من مأمورية الضرائب العقارية على المنشآت الخاصة بهم، الأمر الذى يدفع الكثير من التجار لإغلاق مشروعاتهم وطالب برفع الضريبة من على المنشآت الإنتاجية والصناعات الصغيرة والمتوسطة؛ نظراً لأنها تشكل عائقاً أمامهم خاصة أصحاب المشروعات الصغيرة».
وقال الدكتور على حمزة، رئيس جمعية مستثمرى أسيوط، وعضو مجلس إدارة الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، إن «الضرائب العقارية تمثل عبئاً كبيراً على المستثمرين على مستوى الجمهورية، خاصة محافظات الصعيد»، مضيفاً: «نعانى فى الصعيد بشدة من الضرائب العقارية، لأنها تكلف المستثمر عبئاً للإنتاج أكثر من اللازم، خاصة أنها تفرض بطريقة عشوائية غير مقبولة على الإطلاق»
وأشار «حمزة» لـ«الوطن»، إلى «أنه شارك مؤخراً فى اجتماع مع وزير المالية وطالبه بإلغاء الحجز الإدارى على عدد كبير من المستثمرين، فلا يُقبل أن الأرض التى منحت للمستثمرين فى الصعيد بالمجان يفرض عليها ضرائب عقارية، خاصة أن الظهير الصحراوى لا يفرض عليه ضرائب»، لافتاً إلى أن الوزير وعدهم بالنظر فى مطالبهم، كما طالبهم بدراسة تتناول وجهة نظرهم وما يمكن فعله بالنسبة للضرائب العقارية على المصانع.
وفى المنيا، قال يسرى عبدالحكيم، مزارع، وأحد ممولى ضريبة أطيان زراعية، إنه «يجب إجراء حصر عام لجميع الأطيان الزراعية، لأن معظم المزارعين يتهربون من خلال التكاليف غير معلومة، فالتكليف الزراعى عبارة عن مجموعة من الحيازات بعضها مسجل بأسماء أشخاص معروفين يسهل تحصيل الضريبة منهم، وبعض التكليفات غير معلومة لدى الصرافين والمحصلين لأن الأراضى تم بيعها لأكثر من شخص، لذا يعتمد الصرافون على الاجتهاد لمعرفة صاحب الحيازة الفعلى للتحصيل منه، وقد لا يتوصل إليه، لافتاً أن هناك ضرائب أطيان لا يتم تحصيلها بسبب أن تلك الأراضى مسجلة فى ضرائب الأطيان وفى الواقع تحولت لأحوزة عمرانية ومبانٍ، فهناك ازدواجية فى الربط ما بين ضرائب العقارات والأطيان، والأخيرة تسدد بواقع 33 جنيهاً عن كل فدان، أى جنيه ونصف عن كل قيراط فى العام الواحد، وهذا الربط ثابت منذ سنوات، ورغم ذلك لا يلتزم كبار الملاك بدفعه خاصة وجهاء وأعيان القرى».
وقال أحمد فؤاد، يملك نحو 3 أفدنة زراعية، بزمام قرية الإسماعيلية، إن «دفع الضريبة العقارية يسبب نزاعاً بين المالك والمستأجر، حيث يطلب كل طرف من الآخر الالتزام بدفع الضريبة، وينبغى أن يكون العقد شريعة المتعاقدين بمعنى إلزام واضع اليد المستفيد بالأرض بدفع الضريبة، أو يحدد فى عقد إيجار الأطيان الملتزم بالسداد، ويلجأ معظم الصرافين للحجز الإدارى على ثمار ناضجة أو ماشية فى الحقل، لإلزام الممول بالدفع دون تعطيل الإنتاج بحيث لا يتم الحجز على أدوات رى وخلافه، وسابقاً كان المحصلون يقومون بإعلام الممول بعد الحجز عليه وينذرونه بالدفع خلال 15 يوماً، بتعليق إعلان على مقر العمودية أو الجمعيات الزراعية، ويتم إرسال إنذارات متتالية بالحجز وتعيين المحجوز عليه حارساً على الشىء الذى تم تحديده كأردب قمح أو ذرة شامية أو رأس ماشية، وفى حالة عدم الالتزام بالدفع يتم تحرير محاضر تبديد ترسل لمركز الشرطة ومن ثم إلى القضاء، وأحياناً تصدر أحكام بالحبس».
ولخص صرافون ومأمورو ضرائب عقارية بالمنيا، المشكلات والمعوقات التى تواجههم فى عملية التحصيل، ومنها: جهل معظم الممولين بدفع الضريبة، وكذا كبار الممولين فـ60% منهم يتهربون من الدفع، ويمتنعون عن السداد، بل إنهم أحياناً يوسطّون رجال الإدارة المحلية للضغط علينا لوقف الحجوزات ونرفض ذلك.