فى الثانى من أبريل 2018م، صدر القانون رقم 20 لسنة 2018 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 152 لسنة 1980 بإنشاء الهيئة القومية لسكك حديد مصر، حيث تم استبدال نص المادة الرابعة من هذا القانون، التى أصبح نصها كما يلى: «يجوز للهيئة فى سبيل تحقيق أغراضها، وبعد موافقة وزير النقل، إنشاء شركات مساهمة بمفردها أو مع شركاء آخرين، ويجوز تداول أسهم هذه الشركات بمجرد تأسيسها ويكون للعاملين بالهيئة الأولوية فى شراء نسبة لا تتجاوز (10%) عشرة فى المائة من أسهم تلك الشركات. كما يجوز للهيئة منح التزامات المرافق العامة للمستثمرين أشخاصاً طبيعيين كانوا أو اعتباريين، لإنشاء أو إدارة أو تشغيل أو صيانة مرافق السكك الحديدية..».
وقد صدر القانون سالف الذكر بعد تكرار حوادث القطارات، وذلك بقصد انتشال هذا المرفق الحيوى المهم من أزماته والخروج من حالة الفشل المتكرر الذى يلاحق المسئولين عنه. ويتبنى هذا القانون نهج «الشراكة بين القطاعين العام أو الحكومى والخاص» (PPP). وتتحقق هذه الشراكة من خلال «إبرام اتفاقية بين جهة حكومية وشركة خاصة بغرض الاشتراك فى تقديم خدمة عامة معينة، وبحيث يقتسم الطرفان المخاطر والفرص التى ينطوى عليها العمل التجارى المشترك». وتهدف الشراكة بين القطاعين العام والخاص إلى تغيير نشاط الحكومة من تشغيل البنية الأساسية والخدمات العامة، وإلى التركيز على وضع السياسات والاستراتيجيات لقطاع البنية الأساسية ومراقبة مقدّمى الخدمات بهدف الارتقاء بها. كما تهدف إلى الاستفادة من الكفاءات الإدارية والتقنية والقدرات التمويلية لدى القطاع الخاص، وإشراكه فى تحمل المخاطر.
ومع ذلك، ورغم المآسى المتكررة لمرفق السكك الحديدية وتكرار حوادث القطارات، فإن البعض ينظر بكثير من الريبة والشك تجاه أى محاولة لدخول القطاع الخاص إلى مجال تقديم الخدمات العامة. فرأينا بعض العناوين الصحفية على غرار «خصخصة السكك الحديدية: مأساة يخشاها المصريون». والواقع أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص تختلف كثيراً عن الخصخصة. إذ تنشأ الشراكة من خلال إبرام عقد بين واحد أو أكثر من الجهات الحكومية وإحدى شركات القطاع الخاص، يقوم بمقتضاه الشريك الخاص بإمداد الحكومة بالأصول والخدمات مقابل نسبة من أرباح المشروع. ويتوقف شكل التعاقد على المهام التى يتولاها القطاع الخاص، وحجم المشاركة بين القطاعين، وذلك وفق أطر عدة، تشمل: تصميم المشروع، وتمويله، وتشييده، وتشغيله وصيانته. وقد سبق للحكومة المصرية تجربة نهج الشراكة فى سنوات الثمانينات من القرن الماضى فى مشروع مترو الأنفاق من خلال منح امتياز لإحدى الشركات الفرنسية لمدة عشر سنوات.
ويحظى هذا النهج باهتمام كبير من قبل الحكومات فى مختلف أنحاء العالم بعد أن تبين أن عملية النمو الاقتصادى والاجتماعى تعتمد على حشد وجمع كل إمكانات المجتمع بما فيها طاقات وموارد وخبرات كل من القطاع العام والخاص. وقد عمدت معظم الدول إلى إصدار التشريعات اللازمة لتنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص. ففى دولة الإمارات العربية المتحدة، قامت إمارة دبى بتنظيم مشاركة القطاع الخاص فى إنتاج الكهرباء والمياه، بموجب صدور القانون رقم (6) لسنة 2011م. ولتعميم الشراكة على جميع القطاعات الخدمية، صدر القانون رقم (22) لسنة 2015م بشأن تنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص فى إمارة دبى. كذلك، أصدرت كل من الهند وباكستان وتايلاند قانوناً بتنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وفى القارة الأفريقية، صدر قانون بتنظيم هذه الشراكة فى كل من زامبيا وكينيا وأوغندا وغانا.. والله من وراء القصد.