«حسن»: شظية حرمتنى من دراسة الطب.. والدكتور قال لى «لو كملت هتتعمى»
حسن موسى
بوجه تكسوه ملامح الحزن، وعين تكاد تدمع عند تذكر ما حدث لها، ولسان عن الوصف عاجز، كيف له أن يشكو وبه ألم، جلس شاب عشرينى، أقل ما يقال عنه أنه «وسيم» عند النظر إليه من بعيد، لكن عند الاقتراب منه تراه يجلس منعزلاً دائماً عمّا حوله، تظن أن التكبر قد أحاط به وعزله عن الآخرين.
ولكن سرعان ما يتبدد ذلك الشعور عند الاقتراب من هذا الشاب، فنصف وجهه ملىء بالحيوية والشباب والوسامة العربية، والنصف الآخر مشوه، به آثار جراح عميقة، خلدت فى وجهه ذكرى أليمة، لا يوشك أن ينساها حتى تبين لها المرآة أن جراحه ما زالت باقية، بحسب قوله: «كل ما أنسى اللى حصل ليّا أرجع أبص فى مرآتى وأفتكر كل اللى حصل فى اليوم ده بالتفصيل، ذكرى سيئة، سرقت عينى منى، ودمرت حياتى».
حسن موسى، 26 سنة، شاب فى مقتبل حياته، أطاحت أحداث ليبيا بأحلامه، وسلبتها منه، حيث تبدأ قصته بعد الثورة الليبية مباشرة، حينما كان يسير مترجلاً على قدميه، برفقه أصدقائه، قبل أن يصاب بشظايا «آر بى جى»، مزقت «قرنية» عينه، وسببت له عجزاً كلياً فى العين اليسرى، وشوهت جانباً من وجهه، وفشلت محاولات الأطباء معه، حيث إنه لم يتمكن من الخروج لتلقى العلاج، إلا بعد شهر من تلك الفاجعة، على حد وصفه: «بعد الإصابة علطول، معرفتش أروح مستشفى ولا أخرج بره ليبيا، كنت حاسس بعينى بتروح منى ومقدرتش أعمل حاجة ولولا دكتورة من الجاليات التى كانت موجودة فى ليبيا قبل الثورة، كان زمان عينى التانية راحت. علاجى وقتها كان مطهر وقطن وشاش ولزق، فضلت شهر على الحال ده، بعد كده رُحت تونس، لما اتسمح بالسفر، وهناك قابلت دكتور فرنسى قال لى ليه اتأخرت على عينك بالشكل ده؟، دى راحت خالص وملهاش علاج، ونسبة العجز وصلت 100 فى المائة».
طالب: «تخرجت فى الأكاديمية البحرية بامتياز.. ولو رجع بيّا الزمن ماكنتش خرجت من مصر ورُحت ليبيا»
ويكمل بصوت متقطع موضحاً مشاعره، بعدما قال له الطبيب إنه خسر عينه اليسرى، وليس لها علاج متاح الآن: «إحساسى وقتها كان مزيجاً بين الحزن والألم، وبين خوفى على مستقبلى ودراستى، اللى فعلا خسرتها، كنت بدرس طب، وبعد اللى حصل الدكتور قال لى لو فضلت تركز كتير عينك التانيه هتخسرها برضو، تركت الطب اللى طول عمرى بحلم بدراسته وقدمت فى الأكاديمية البحرية فى مصر، وأنهيت دراستى، بتقدير امتياز وبرضو مالقيتش شغل».
ويشير «حسن» إلى أنه كان قد زار مصر عام 2009، مرافقاً لوالده، ثم عاد إلى ليبيا، وبعد الأحداث الأخيرة، قرر العودة إلى مصر مرة أخرى، معللاً ذلك بأن مصر آمنة ويشعر بالراحة والاستقرار بها. «بدأت أتأقلم مع جروحى، لكن كل ما أفتكر الشظية وعينى، ألعن الحروب، وأتمنى يرجع بيا الزمن تانى لسنه 2009، مكنتش خرجت من مصر ورُحت ليبيا، وفقدت عينى هناك»، مضيفاً أنه لا يعمل الآن، حيث إنه لم يجد مهنة له بعد تخرجه، وإنه يكتفى فقط بالإشراف على مكتب والده للتأشيرات، وإن هذا العمل سوف يتغير بعدما يعود إلى ليبيا، ويحاول الإقامة فى المناطق الآمنة، على حد قوله.