أتيح لى خلال الفترة الماضية أن ألاحظ ملاحظة ساذجة جداً منتشرة فى العديد من وسائل الإعلام سواء كانت جرائد أو مجلات أو برامج (توك شو) فضائية، وهى ملاحظة ليست جديدة، وأذكر أنى قد كتبت عنها قبل عدة سنوات.
الملاحظة تتلخص فى أسلوب طرح القضية محل النقاش بغض النظر عن أهميتها و(حساسيتها)، ثم طريقة معالجتها بعد ذلك من خلال شكل الأسئلة المطروحة وأسلوب الإجابة عليها فى وسائل الإعلام، ودون تعميم مخل على كافة وسائل الإعلام، فقد رصدت ما يلى:
- هناك خلل فى طرح الأسئلة الخاصة بالقضية محل الاهتمام، وهو ما يعود إلى النقص فى المعلومات، أو عدم الدراية الكافية من خلال التحليل بالقضية المطروحة، أو عدم الوعى الثقافى والسياسى والمجتمعى من الأصل بما يدور فى المجتمع، وهو ما يتسبب أحياناً فى ترديد عبارات وهمية وافتراضية وكأنها تعبير عن بيانات حقيقية ومعلومات موثقة.. والتعامل معها من هذا المنطلق بعد ذلك.
- يترتب على ذلك أن تكون إجابة المصدر فى الجرائد أو الضيف فى البرامج الفضائية بعيدة كل البعد عن السؤال المبهم الذى ينطبق عليه ما سبق، وتحدث المأساة حينما لا يفهم المصدر أو الضيف مضمون السؤال.. فيتجه للإجابة إما من منطق (الرغى) دون مضمون حقيقى ومفيد، وإما الإجابة عن سؤال آخر لم يتم طرحه من الأصل، وهو رد الفعل الذى يقوم به البعض بحسن نية بسبب عدم فهمه للسؤال، بينما يقوم بها البعض الآخر المحترف بشكل موجه لتحقيق ما يريد من خلال ما يقوله فى إجاباته.
- وما سبق، يتكرر أيضاً بشكل مغاير على شبكة الإنترنت من خلال تعليق القراء على المقالات والأخبار المهمة، حيث تكتشف أن هناك العديد ممن قاموا بالتعليق لم يفهموا مضمون المقال من الأصل أو تفاصيل الخبر، وربما تعاملوا معه بعكس ما يهدف إليه، وبالتالى، تجد التعليقات قد تركت الموضوع الرئيسى الذى تعلق عليه.. ليتحول الأمر إلى تعليقات المعلقين على ما يكتبونه من تعليقات -لبعضهم البعض- التى غالباً ما تكون بعيدة عن المضمون الرئيسى.
ويبقى الأمر فى النهاية أن تتحول القضايا المهمة وذات الأولوية، بسبب سوء التصرف الإعلامى، إلى قضايا هامشية بعد أن تم (تسطيح) معالجتها بشكل لا يرتبط بتقديم حلول واقعية ومنطقية لها، وهو ما يجعلنا ندور فى الكثير من الأحيان فى قضايا متعددة فى الفلك نفسه دون أى تقدم أو تطور أو اتخاذ موقف لسنوات وسنوات طويلة، ثم نعود ونسأل: كيف يمكن أن نظل نناقش قضية ما لمدة تصل إلى قرن من الزمان بدون أن يكون لنا موقف واضح وحاسم؟!.
نقطة ومن أول السطر..
يبقى (الوضع) على ما هو عليه: البعض لا يقرأ، وإذا قرأ لا يفهم السؤال بسبب صياغته تارة، وبسبب عدم وعيه بالمضمون تارة أخرى، وإذا علق.. يتكلم بعيداً عن المضمون.