تعودنا فى بلدنا إطلاق وصف نجوم المجتمع على أهل الفن والرياضة فقط، الذين يأخذون أكثر مما يستحقون، وقد سبق وكتب عن العلماء باعتبارهم رموز المجتمع وعن الفلاحين وعن الدور الوطنى لسائقى النقل، وفى السطور التالية سوف أتحدث عن نموذجين أعتبرهما من نجوم المجتمع الحقيقيين، لأنهما أصحاب تجربة فريدة فى زراعة الصحراء ويقدمون خدمات جليلة للبلد.
النموذج الأول المهندس أيمن المغربى، صاحب أول تجربة ناجحة فى الاستصلاح والزراعة بمدينة الطور، وهو الذى حوّل الأرض الصحراء الجرداء إلى جنة خضراء، وقلب عناصر الفشل إلى أسباب نجاح، ومن استحالة الزراعة فى طور سيناء بسبب عدم صلاحية التربة وندرة المياه وارتفاع درجة الحرارة إلى صلاحية الزراعة بعد تحليل التربة فى المعامل الحديثة، وجاءت النتائج بأنها غنية بالعناصر الطبيعية التى يحتاجها النبات مثل الكالسيوم والبوتاسيوم والماغنيسيوم، وأصبحت درجة الحرارة المرتفعة ميزة لبعض الزراعات التى لا تصلح إلا فى هذه المناطق، مثل العنب والتين والزيتون والنخيل والمانجو، فالحرارة تساعد على تبكير الإنتاج، وبعد دراسة المياه فى مركز بحوث الصحراء بوزارة الزراعة اكتشف مخزوناً من المياه يتم تسريبها إلى البحر لعدم الاستفاده منها، تجربة المهندس أيمن المغربى حققت نجاحاً مبهراً وتسببت فى تغيير فكر أهالى طور سيناء وفتحت أمامهم أبواب رزق أخرى بجانب السياحة، بل لفتت أنظار المسئولين إلى أهمية الزراعة التى تستطيع إنتاج الغذاء للمواطنين هناك، وتلبى احتياجات الفنادق والقرى السياحية، وبالفعل تم تخصيص 25 ألف فدان للزراعة، واللواء خالد فودة، محافظ جنوب سيناء، يوفر كل الدعم والمساعدة للمستثمرين فى الزراعة، وهذا الفكر نفتقده فى كثير من المسئولين بالحكم المحلى.
النموذج الآخر المهندس ساهر محمود، وهو صاحب تجربة فريدة أيضاً فى زراعة الصحراء، خاصة قصب السكر وبالتنقيط، فمن المعروف أن القصب من المحاصيل الشرهة فى استخدام المياه ويزرع فقط فى الأرض الطينية بالصعيد وبنظام الرى بالغمر، ولكن تجربة المهندس ساهر فى زراعة القصب بالتنقيط فى الصحراء قد تحدث انقلاباً فى عالم الزراعة، لأنها سوف تسهم فى زيادة الإنتاجية بنسبة 30% وترشيد استخدام الأسمدة والمياه بنسبة 50% ما يحقق فائدة عظيمة لبلدنا فى توفير المياه، تلك الأزمة الحقيقية التى تواجهنا.
المهندسان أيمن وساهر وأمثالهما نماذج تحتذى ويستحقون التكريم وأن يكونوا نجوم المجتمع وقدوة شبابه، لأنهم يعملون وينتجون فى صمت ويحملون الوطن على أكتافهم، إن زراعة وتعمير الصحراء من أهم وأشرف المهن وأكثرها تكلفة وأقلها ربحاً، وزارع الصحراء يقوم بعمل عظيم وشاق ولكنه مفيد للبلد، ولأننا دولة أكثر من 90% من أرضها صحراء وتستورد معظم احتياجاتها من الخارج ولديها مشكلة بطالة، لذلك أتمنى تقديم الدعم والمساندة لكل من يقوم بتعمير الصحراء، ولا نبالغ فى تسعير أرضه، لأنه يحمل عن كاهل البلد عبئاً كبيراً.