توالت فى الأسابيع الماضية أنباء متسارعة عن سوريا.. ففى الوقت الذى حقق فيه الجيش السورى انتصارات بالجملة على الجماعات الإرهابية والجيوب العسكرية المدعومة من دول خارجية وترفع أسماء جماعات متأسلمة مع انسحابات متتالية من مسلحين معارضين ليصبح الجيش العربى السورى مسيطراً على ما يزيد عن 85% من أرض سوريا الطيبة، أصبحت عودة المهجرين السوريين تحت وطأة الحرب الملعونة مركز اهتمام دولى تسعى إليه روسيا والاتحاد الأوروبى ومعظم العواصم العربية والآسيوية، وبدأت أفواج السوريين المشتاقين للعودة إلى ديارهم تنطلق من لبنان والأردن ومصر ولكن المعوقات أمام عودتهم تتزايد.
الحكومة السورية ترحب بالعائدين ولكن الأمم المتحدة تخلت فجأة عن دورها المستمر طوال سنوات ست وأوقفت معونات وتسهيلات إعادة اللاجئين ومساعدات إعادة الإعمار والتوطين التى أقرت قبل عامين بحجة أن المعونات مرهونة بحل سياسى كامل ونهائى للوضع فى سوريا!!
وهو موقف غريب من الأمم المتحدة التى دورها دائماً المسارعة فى إنقاذ الإنسان والحفاظ على حياته وضمان سلامته بغض النظر عن الأوضاع السياسية فى بلده أو فى البلد الذى يلجأ إليه الإنسان أثناء النزاعات المسلحة.
ويبدو مجلس الأمن فى موقف غير مقبول ولا يتفق مع دور ومواثيق وسوابق عمل الأمم المتحدة فى ظروف مشابهة أو حتى مع السوريين اللاجئين أنفسهم قبل شهور ماضية.
وقد أزعج موقف الأمم المتحدة لبنان التى استعدت لعودة ما يقرب من مليون ونصف المليون لاجئ سورى وبعد مغادرة 52 ألفاً منهم توقفت المساعدات الدولية لهم.. وحذر وزير خارجية لبنان علناً أمام نظيره الروسى من أن هذا يضر باستقرار لبنان وهو ما لا يقبله أحد.
وتمارس تركيا أشكالاً من المعوقات الضخمة ضد عودة المهجرين السوريين إلى أراضيهم بل تمنعهم بالسلاح والحرب وتحتل مساحة واسعة فى شمال سوريا.
وما زالت (قطر) تدعم المقاتلين المهزومين من الجماعات التابعة لها ويتراوح موقف المملكة السعودية ما بين التشدد والمواءمة تجاه الحل السياسى فى الوقت الذى تواترت فيه أنباء عن إعادة فتح قنصلية الإمارات فى دمشق.. وموقف القاهرة مع وحدة أراضى سوريا لكن بلا تفعيل علنى لدورها السياسى المطلوب الآن لضمان عودة المهاجرين السوريين إلى بلادهم فى أمان.
ويبدو الموقف الروسى الأكثر نشاطاً فى سوريا على خلفية الدفاع عن مصالح روسيا التى عادت للمنطقة حليفاً استراتيجياً لسوريا ولها قواعد عسكرية ومصالح اقتصادية ضخمة فيها.. والروس حريصون على إعادة المهجرين لكنهم لا يتحركون بالسرعة المطلوبة.
وعلى الرغم من هذه المعوقات فإننا نتوقع فى الخريف المقبل عودة معظم السوريين لبلادهم لأنها رغبة عارمة فى أوساط السوريين أنفسهم.. وأمام إرادة الشعوب تتلاشى المعوقات.
والله غالب.