لا زلت أتذكر ذلك اليوم، حينما أخبرتك أني أريد أن التحدث معك قليلًا خارج ذلك المكتب الذي يعج بالزوار، وكنت قد رأيت حيرة في عينيك من تصرفاتي معك، وأبيات شعري التي رحت أنثرها كأزهار الفل يمينًا ويسارًا.. كنتِ قلقة من هذه الدلائل التي تؤدي إلى نتيجة يفهمها الغبي، وهي أني غارق فيك حتى أذنيَ، يومها أخبرتك أنك مجرد صديقة، وأني أدللك وألاطفك لمكانتك الكبيرة عندي.
كاذب كبير أنا، وأنت لست بهذه البلاهة حتى تصدقي، لكنك تظاهرت بالتصديق، ومضت الأيام بيننا إلى أن كان ما كان، ووقع ما وقع، وياثقل ما وقع، إنه جبل الطور وقد جثم على صدري، يأبي أن يدعني أتنفس، إنه لإحساس وكأن السماوات السبع وما يدور فيها من كواكب وأجرام قد انطبقت على الأرض، وأنا محتار بينهما لا أستطيع الحركة.
كم أتمنى لو عاد ذلك اليوم لأخبرك أنني بصدق لا أحبك.. فأنا لا أعتقد أن ما في قلبي يمكن أن يدعي «حب»، فأنا أفتقدك وأنت معي.. أتنفسك مع الهواء فأملأ صدري منك.. كل دقة بقلبي تنطق اسمك.. أنت معي في كل مكان.. عندما أكون وحدي أو مع الآخرين.. أنت آخر ما أفكر فيه قبل النوم.. وأول ما يخطر ببالي عندما أستيقظ.. أنظر إلي وجوه الناس فلا أري غيرك.. مثل الكواكب أنا، أدور حولك أيتها الشمس بحركة لا إرادية.
نعم أنا لا أحبك، أنا أعشقك، أنا أعيشك لأنك مثل الحياة، أقبلك بكل تقلباتك وتفاصيلك، بحزنك وفرحك، برضاك وسخطك، هدوئك وغضبك، أعيش ضحكاتك، وأسيل مع دموع حزنك، أنا لا أحبك فهي كلمة قليلة، وإن كان لا بد من نطقها، أوالتعبير عما بقلبي تجاهك بها فهي لا تكفي، وإن أردتِ حقيقة ما يختلج بين ضلوعي، فأنا «ألف ألف أحبك»، أنا أعيشك أيتها الاستثنائية، وأعيش على أمل اللقاء، ولأني أعشقك سأنتظر.