إحدى الدول الأوروبية كانت لديها مشكلة اقتصادية كبيرة تقريباً فى نفس ظروفنا الحالية، أول شىء فكرت فيه هو هيكلة جهازها الإدارى حيث كان لديها فائض كبير فى العمالة، الأمر الذى أدى إلى الفساد والبيروقراطية وبالتالى إعاقة التنمية فقررت منح كل الموظفين الذين لا عمل لهم إجازة مفتوحة مع حصولهم على جميع مستحقاتهم لحين بلوغهم سن التقاعد.. هذا الإجراء أتاح لها الإبقاء على العناصر المتميزة فقط التى تؤدى عملها بكفاءة وكان ذلك سبباً فى خروج هذه الدولة من كبوتها الاقتصادية وتحقيق انطلاقة كبيرة، هذا الإجراء هو الحل الجراحى لمشاكل الجهاز الإدارى فى مصر فسوف يحقق فوائد كثيرة جداً.
وتعالوا نفكر بهدوء وعقلانية ونعترف بأن لدينا أزمة حقيقية فى الجهاز الإدارى وهو عائق أمام التنمية وعدد الموظفين عشرة أضعاف المطلوب وهناك عجز شديد فى العمالة الفنية مع تكدس رهيب فى العمالة الإدارية ولدينا مؤسسات فيها بطالة مقنعة وموظفون بلا عمل حقيقى ولكن المطلوب منهم فقط الحضور يومياً حتى يتقاضوا أجورهم كاملة، هؤلاء يكلفون الدولة أضعاف مرتباتهم من فاتورة الازدحام المرورى واستهلاك الوقود وتلوث البيئة وإضاعة الوقت والجهد.
التقارير الدولية وحتى المحلية تقول إن خسائر مصر مليارات الدولارات سنوياً من استهلاك الوقود بسبب الأزمة المرورية وعلاج الأمراض الناتجة عن التلوث البيئى، لو أن الدولة أعطت الموظفين الذين لا عمل لهم كامل مرتباتهم وجلسوا فى منازلهم فهى أكثر الرابحين والموظف أيضاً لأنه سوف يوفر أموالاً كثيرة ينفقها على المواصلات والملابس والطعام والشراب، وهناك حلول كثيرة يمكن تطبيقها إما بالاستغناء تماماً عن الموظفين مع حصولهم على مستحقاتهم حتى سن التقاعد أو توزيعهم على أيام الأسبوع وكل موظف يذهب ثلاثة أيام فقط بالتبادل مع زملائه وفى هذه الحالة يتم إلغاء إجازة يوم السبت وهذا ينهى الأزمة بنسبة 50%.
يجب التأكيد على أن هذا الاقتراح لا يشمل عمال المصانع والورش وكل المؤسسات الحيوية والمنتجة بل يطبق فقط على الموظفين الإداريين وهم الأكثرية وسبب الأزمة.
الحكومة حالياً تتجه وبقوة إلى تفعيل نظام التعامل الإلكترونى وميكنة الخدمات وهذا من شأنه الاعتماد على التكنولوجيا فى إنهاء الإجراءات وعدم التعامل المباشر مع الموظفين وبالتالى ستقلل الاحتياج إليهم مما يسهم بشكل كبير فى القضاء على الفساد والروتين، وبما أن دور الموظف سوف يتلاشى -إن آجلاً أو عاجلاً- فلماذا التأخر فى اتخاذ قرار يمكن أن يساعد فى علاج مشاكل الجهاز الإدارى ويسهم فى زيادة معدل التنمية ويوفر مليارات الجنيهات.
رئيسنا جرىء واتخذ قرارات ما كان يجرؤ أى رئيس قبله على اتخاذها، وقرار جلوس الموظفين الذين لا عمل لهم فى منازلهم أو توزيعهم على مؤسسات أخرى تعانى من العجز هو قرار أسهل بكثير من القرارات الاقتصادية الصعبة التى اتخذها الرئيس السيسى.. ومصر لن تتقدم إلا بالقرارات الجريئة ومن خارج الصندوق.