إن كان للخيانة عنوان فهو قطعاً «يسرى فودة»، لقد خان «فودة» كل المبادئ المهنية والأخلاقية ليبنى مجده وشهرته، «دون أن يحاسبه أحد».. فقد انتشر وتوغل وتغلغل فى عصب الإعلام حين عمل مراسلاً لأخبار المملكة المتحدة، ونجح عام 1997م فى إنشاء مكتب قناة «الجزيرة» فى لندن، الذى شغل فيه فيما بعد منصب نائب المدير التنفيذى، وبدأ منذ شهر فبراير 1998م فى إنتاج برنامجه الشهرى «سرى للغاية» الذى استقطب بموضوعاته وبطريقة معالجته كماً هائلاً من المشاهدين على اختلاف مستوياتهم، ولعل حلقته عن «تنظيم القاعدة» كانت هى الأبرز فى مسيرة «يسرى فودة» الإعلامية، التى فتحت له أبواب المجد والشهرة حتى استقال عام 2009 م وعاد إلى مصر بعدها بـ3 سنوات.
فتحت مصر أحضانها لـ«فودة» دون أن تسأل عن علاقته بتنظيم «القاعدة» ولا كيفية لقائه بزعيم التنظيم الذى كان المطلوب رقم «واحد» فى العالم «أسامة بن لادن».. كان واضحاً أنه مرحب به فى كل الدول العربية بأجهزتها ومؤسساتها الأمنية (ربما لتعاون ما لا نعرفه).. فهو الوحيد الذى سُمح له بتصوير الدبابات التى تعرضت للقصف بصواريخ تحمل رؤوساً نووية مشعة «فى صحراء السعودية»، خلال حرب تحرير الكويت.. وكان من الواضح أن بعض البلاد تستدعيه وتستعين بما لديه من معلومات.. وتستعين ببرنامجه الشهير لتعبر عن قضاياها!.
ثم خان «فودة» مصر فى مؤامرة دنيئة، تم تدبيرها فى برنامج «آخر كلام» على قناة أون تى فى، كان الهدف منها إجبار الفريق «أحمد شفيق» على الاستقالة من رئاسة الوزراء، بعد ثورة 25 يناير، لينفرد «الإخوان» بحكم مصر!.
وبعد إيقاف البرنامج فى سبتمبر 2014، ومع أغسطس سنة 2016م قام بتقديم برنامج «السلطة الخامسة» على قناة «دويتشه فيله» التى اعتبرها منصةً للهجوم على الشأن المصرى حتى أعلن استقالته منها منذ أيام.. هذا إلى جانب استخدامه لـ«تويتر» كمنصة هجوم أخرى على نظام 30 يونيو.. ربما حقداً على الثورة التى أطاحت بحلفائه، وجعلته منبوذاً داخل مصر وخرج منها ذليلاً وملعوناً.. وكان آخر هجوم له على قانون الجرائم الإلكترونية الذى اعتمده رئيس الجمهورية مؤخراً، لأن بالقانون مواد تواجه الشائعات والأكاذيب التى يروج لها ضد مصر بهدف تفتيت المجتمع وتقسيمه، وإشعال الفتنة.
كنت أتمنى أن يحاسب «فودة» بسبب آرائه ومواقفه السياسية، أو عدم مهنيته ووضع الإعلام فى خدمة «من يدفع أكثر».. لقد تعاقد مع القناة مقابل 250 ألف يورو سنوياً، وهذه ليست العلاقة الأولى بين «فودة» والإعلام الألمانى، فقد بدأت العلاقة قبل سنوات من التعاقد بتعاونه مع مؤسسة «فريدريش ناومان» الألمانية، التى أسسها أول رئيس لألمانيا الاتحادية «تيودور هيوس»، والتى ترتبط بإحدى القوى اليمينية الألمانية، الحزب الديمقراطى الحر، حزب «هيوس» الذى تأسست خلال رئاسته «دويتشه فيله» ودائرة الاستخبارات الاتحادية BND، وبموجب هذا التعاون تولى «فودة» تدريب أعداد من العاملين باتحاد الإذاعة والتليفزيون المصرى (!!).
لكن «فودة»، بكل أسف» خرج مطروداً من جنة «دويتشه فيله» بفضيحة أخلاقية!.. فالقضاء الألمانى خلال الفترة الراهنة ينظر ثلاث قضايا متهماً فيها الإعلامى «يسرى فودة» بالتحرش بزميلاته العاملات معه بقناة «دويتشه فيله».. الفتاة التى كشفت الفضيحة قالت إن «فودة» لم يتحرش بها وحدها، بل تحرش بعدد كبير من زميلاتها، الأمر الذى دفعهن إلى التقدم بدعوى قضائية ضده أمام المحاكم الألمانية، وأشارت الفتاة إلى أن هناك تحفظاً لدى السلطات الألمانية عن الترويج لواقعة التحرش المشار إليها إعلامياً، بسبب دعم الحزب الحاكم بألمانيا للقناة المشار إليها.
فضائح «الخائن» لم تقف عند التحرش، بل امتدت إلى الفساد المالى، حيث أكدت الفتاة الواقع عليها فعل التحرش، تورطه فى قضية فساد مالى بالقناة من خلال استغلال مؤسسة «أريج» للصحافة الاستقصائية المشتبه فى كونها واجهة لعدد من الأجهزة الاستخباراتية الأجنبية فى إعداد تقارير إخبارية وبيعها للقناة بمبالغ مالية باهظة، إلا أن المسئولين فى القناة اعتبروا عدم محاسبته عن تلك التجاوزات المالية بمثابة ورقة ضغط عليه لاستمرار ولائه للقناة.
للأسف لن يحاسب «فودة» على جرائم تتعلق بالضمير والوطنية والمهنية.. وقد ارتكبها جميعاً دون خجل أو تخفٍ!.. لكنه سيحاسب فقط على غريزته الحمقاء أو رغبته فى استعراض ذكورة لا أعتقد أن لها وجوداً!.