مع انتهاء الجمهورية الثانية كان أول الغيث هو حادثة طائرة الفريق أحمد بدوى الذى كان قد تم تصعيده من رئيس أركان إلى وزير للدفاع فى مايو ١٩٨٠، ولكن بعدها بعدة أشهر -وتحديداً فى مارس 1981- كانت الحادثة المؤلمة، عندما استقل طائرة هليكوبتر هو و١٣ من قادة الجيش فى مهمة تفقدية بالمنطقة الغربية، وذلك عندما طلب منه الرئيس السادات استطلاع أمر المناوشات والتحركات التى يقوم بها القذافى على حدودنا الغربية. وبعد إتمام مهمة الاستطلاع، ومعه القادة، استقلوا الطائرة للعودة، إلا أن الطائرة سقطت بهم فى منطقة سيوة عندما اصطدمت بعمود إنارة أثناء إقلاعها، ولقى هو وجميع القادة مصرعهم، ولم ينجُ إلا خمسة أفراد فقط، هم «طاقم الطائرة وسكرتير الفريق بدوى»، حيث إن طراز الطائرة كان من النوع الذى يجب أن يُفتح بابه من الخارج ولا يوجد باب لغرفة القيادة.
وقد أحاطت شبهات كثيرة حول الحادث، وأغلبها غير صحيح، حيث ذكر البعض أن الرئيس السادات طلب منه ضرب ليبيا، إلا أن بدوى رفض، وهذا لا يمت للحقيقة بصلة، بناء على ما ذكره لى اللواء فؤاد نصار الذى كان محافظاً لمطروح حتى عام 1980، حيث قال لى: «كانت فيه مشاكل عاملاها معانا ليبيا، وكان الموقف صعب صعب، قبائل نصفها فى ليبيا، وناس فى مطروح، والقذافى عامل لهم بطاقة اسمها (ص. ش) يعنى صحراء شرقية، وقال لهم الصحرا دى كلها بتاعتكم، وهى الحدود التى بيننا وبينهم، عند القذافى تُعتبر شرقاً، وعندنا تعتبر غرباً. المهم قال لهم ادخلوا واطلعوا زى ما انتم عايزين، وحاطط ناس فى وسطهم ليجعلوا ولاءهم للقذافى، وكان بيشترى منهم الغنم بملايين الجنيهات، وهما عملهم بينحصر فى رعى وتربية الأغنام، ثم مرة واحدة تركهم ولم يشترِ منهم، لأن بعضهم صار ولاؤه لمصر، لأنهم يعيشون فى الصحراء الغربية عندنا، ونتيجة فعلته الناس بقى حالهم صعب، فاستطعت أن أكوّن منهم مجموعات، وابتدأنا لأول مرة فى مصر نصدّر الغنم إلى السعودية، غنم ليس له دهن، وعملت لهم جمعية زراعية تعطيهم إرشادات فى رعاية الأغنام. وفى هذا الوقت حدثت أزمة لحوم بمصر، وطلب منى وزير الزراعة ألا أقوم بالتصدير، فذهبت للرئيس السادات وقلت له: يا فندم أنا مسئول عن الناس دى اللى حياتهم هى الغنم وما يأتى من رزق لهم من خلال التصدير، فأنا لدىّ اقتراح، إحنا نصدّر الغنم والفلوس اللى حتيجى أنا حستورد بيها لحمة، لما أبيع طن حستورد ١٠٠ طن، وأكتب تعهّد بذلك، وفعلاً مشيت العملية. ومن ناحية أخرى كان السنوسى، الذى كان يحكم ليبيا وقام القذافى بثورة عليه، يقيم فى مصر بمنطقة الحمام، فنبعت ناس يروحوا ليبيا ويشيعوا إن السنوسى راح مصر والجيش المصرى حيرجّعه وياخذ طرابلس يضمها للصحراء ويبقى حاكم عليها ويترك لكم النصف الثانى، وبعدين نقول لقائد المنطقة الغربية العسكرية حرّك لنا شوية عساكر وحشد على حدود ليبيا، ويقعد القذافى يعمل تعبئة وحشد قوات ويقلب الدنيا. عملت العملية دى ثلاث مرات، فى المرة الأخيرة السادات بعت لى، قال لى: إيه اللى بتعمله؟ الأمريكان بيقولولى بلاش حكاية طرابلس دى وبلاش حرب مع ليبيا، وقال لى: إياك تعمل كده من غير ما تقول لى، فقلت له: مش سيادتك قلت لى انت مسئول عن البوابة الغربية لمصر؟! قال لى: لا ما تعملش كده تانى»، انتهى كلام «نصار»، إذن السادات لم يطلب من بدوى ضرب ليبيا لكى يرفض.