المعلمون يستعدون: كأننا طلاب «جُدد».. ولا تغيير فى «بنية» أى مدرسة
خطة مستدامة لتدريب المعلمين على النظام الجديد طوال العام
يحمل العام الدراسى الجديد فى طياته كثيراً من المفاجآت للمعلمين والطلاب، خاصة أنه سيتم خلاله تطبيق نظام تعليمى جديد لمراحل رياض الأطفال والصف الأول الابتدائى، مع تطوير نظام التعليم القائم لباقى المراحل التعليمية ابتداء من الصف الثانى الابتدائى وحتى الثالث الثانوى، وبالتوازى سيتم تطبيق الثانوية التراكمية ابتداء من الصف الأول الثانوى الذى لن يتم احتساب درجاته هذا العام واعتباره لـ«التجربة» فقط، الأمر الذى تسبب فى حرص المعلمين على الاستفسار عن تفاصيل المناهج وطبيعة عملهم وأدوارهم خلال العام الجديد، ورغم الحديث عن نظام جديد للتعليم إلا أن الدروس الخصوصية ما زالت أمراً واقعاً يمارسه المدرسون بحجة تحسين الدخل، ويلجأ إليه أولياء الأمور، خوفاً على مستقبل أبنائهم.
ويرى أحمد محمد، مدرس لغة عربية بمحافظة المنوفية فى المرحلة الابتدائية منذ 12 عاماً، أن العام الدراسى الجديد يعتبر مجهولاً بالنسبة له، ويقول إنه فى السابق كان يتولى مسئولية تدريس المادة للمراحل الدراسية الخمس، من خلال تسلم الكتب قبل بدء العام الدراسى بأسبوع أو أكثر، ثم التحضير والاستعداد للدراسة بعد الاطلاع على المناهج التى نادراً ما كانت تشتمل على أى تغييرات، وكان الطريق واضح المعالم أمامه، على حد قوله، ويضيف أنه لا يشغله تغيير الدراسة بين نظامين جديد وقديم وطريقة الشرح فيهما بسبب ثبات قواعد اللغة العربية وإلمامه الكامل بقواعدها، وقال إنه لا يقلقه سوى «نظام الباقات» حيث سيقوم فيه المدرس بتدريس مواد أخرى بجانب اللغة العربية مادة تخصصية، ما دفعه للتوجه باستفساره إلى أكثر من مسئول فى نطاق عمله، فجاءت إجاباتهم محيرة أيضاً: «والله منعرفش حاجة حتى الآن».
«مصطفى»: ستتضح معالمه عندما يصل إلى المرحلة الإعدادية.. و«يونس»: لا أحد فى «الإدارة» يجيب عن استفساراتنا
«الدروس الخصوصية كما هى، وفيها يتم تدريس المناهج القديمة، خاصة قواعد اللغة العربية بشكل عام»، يضيف مدرس اللغة العربية، موضحاً أن الطالب فى هذه السن الصغيرة يحتاج للتأسيس فى «القراءة والكتابة» لأنها هى التى تشكل جوهره العلمى فيما بعد، لذا لا توجد أزمة فى تغيير المناهج أو تأخر وصولها حتى الآن، وتساءل: هل سيتم تقسيم المعلمين بين التدريس فى النظام الجديد وباقى المراحل، أم سيقوم نفس المدرس بالتدريس فى جميعها؟ خاصة أنه حتى الآن لم يتم إعلانه بموعد التدريب، كما لم تشهد مدرسته أى تغييرات فى بنيتها التحتية، قائلاً: «كل حاجة زى ما هى مفيش تغييرات ولا حاجة غير تجديد زراعة الجنينة وتنظيف الحوش».
ويتفق معه فى نفس وجهة النظر مصطفى حسين، مدرس دراسات اجتماعية بالمرحلة الإعدادية فى القاهرة، الذى يقول إنه بعيد عن آليات نظام التعليم الجديد، ولن يمسه منه سوى بعض التعديلات فى المناهج وتغييرات قليلة فى الامتحانات، فيما عدا ذلك، فنظامه القديم فى التدريس قائم بدون تغييرات.
ويواصل «مصطفى» قائلاً إن الطلاب بدأوا حجز مقاعدهم لديه فى الدروس الخصوصية منذ أول أغسطس الماضى، ويقوم هو بتدريس المناهج القديمة الخاصة بالأعوام الماضية، فى مادتى التاريخ والجغرافيا، مضيفاً: «احنا فى النص مالناش دعوة بالابتدائى ولا الثانوى، على ما التجربة توصلنا يكون اتضح معالمها»، ولا يخشى المدرس الأربعينى من رهبة دخول المدارس، ويقول: «بقالى 18 سنة مدرس، هقلق أو أخاف من إيه»، مضيفاً أنه اعتاد التعرف على الطلاب والتدريس لهم، وتابع: «نوعية الطلاب اللى بتيجى ثابتة تحس إن الطالب مختلف فى الاسم فقط، فهناك الطيب والهادى والشاطر والشقى، وبخبرتى بقدر أتعامل معاهم كلهم».
الأمر عند سماح يونس، مديرة مدرسة ثانوية حكومية فى الجيزة، يبدو أكثر اختلافاً عن سابقيها، وتقول إن طاقم التعليم فى المدرسة والطلاب فى حالة استعداد وترقب، خاصة فى ظل تطبيق نظام جديد يحتاج إلى مجهودات مستمرة طوال إجازة الصيف، وتواصل: «إجازة الصيف كلها كانت شغل ومكناش بنام عشان نستعد للنظام الجديد ونهيئ المدرسة ونضع الجداول»، أزمات عديدة عانت منها مديرة المدرسة خلال الشهور الماضية، خاصة وضع جداول المعلمين الذين خشيت توزيعهم بطريقة تخالف نظام الوزارة الجديد، وتضيف: «تطبيق النظام الجديد واستمرار القديم يجعلنا أمام تحديات عديدة خاصة بإدارة المدرسة وجداول المعلمين وطبيعة المدرسة الإنشائية، فى ظل تردد شائعات عديدة ترتبط بالتابلت وتدريب المعلمين»، وتتابع: «شبكات النت وصلت المدرسة وأنا حصلت على التدريب بقالى 10 أيام»، وتستطرد المعلمة الخمسينية أن المدرسة شهدت تغييرات كبيرة فى معامل الكمبيوتر وتوصيل شبكات إنترنت خارجية، وحالياً يتم العمل على توصيل الشبكة الداخلية، مشيرة إلى أن الأزمة الحالية التى لا تجد لها حلولاً هى استفسارات المعلمين المستمرة عن آليات تطبيق النظام وتوزيع الحصص، التى دائماً ما ترد عليها بأنها «متعرفش» وفى انتظار وصول الشكل النهائى من الوزارة لتطبيقه وتوزيعه على المعلمين، وتضيف أن هذا يأتى بجانب طلبات التحويل إلى المدرسة التى تعد «فوق الكثافة» وهو ما يجعلنا فى مرمى غضب واستياء الأهالى بشكل متواصل، وتشرح قائلة: «عاوزين يحولوا لأولادهم عندى وأنا معنديش أماكن فى المدرسة، ولما بقولهم كده بيتخانقوا معايا، رغم إنى بتعامل مع الطلاب كلهم على أنهم أولادى وبشيل همهم ومسئوليتهم زى أولياء أمورهم بالظبط».