لـ«سعيد» أسرتان واحدة ولد فيها وأخرى ربته وعلمته الخياطة.. مع كل بدلة وفستان «دعوة»
سعيد
"أبويا الأولاني فلاح والتاني ترزي.. لما بترحم على واحد منهم لازم اترحم على التاني» بابتسامة تعلو وجهه، يستعيد سعيد شاكر ذكرياته بعد أعوام طويلة قضاها في صناعة البدل والفساتين الكلاسيكية، بدأها منذ طفولته حتى أتم الـ75 عاما، متذكرا حين قرر والده البيولوجي الذي دفعه لسوق العمل في طفولته، وصاحب الورشة، والده "الروحي" الذي آواه في منزله بعدما ترك محافظته للعمل في القاهرة.
في محافظة المنوفية نشأ سعيد شاكر، لوالد لا يعرف من الدنيا سوى الفلاحة، لكنه قرر على غير المعتاد أن يعلم ابنه مهنة مختلفة، عن التى توارثها، فدفعه إلى العمل بإحدى ورش الخياطة بالقرية التى يعيش بها، ولما أتم هناك 3 سنوات، وعرف أصول المهنة، على يد شخص لا يزال يتذكر اسمه "فرج رزق الله" أغوته القاهرة بالذهاب إليها والبحث عن فرصة أفضل، وهو لا يزال دون الـ15، والتقى هناك بصاحب ورشة كان يتردد على ورشة المنوفية: "وده يعتبر أبويا التانى، ويمكن معزته عندى أغلى كمان من أبويا، وعشان عمل فيا جميل كبير عمرى ما بنساه ولا أقدر، ومع كل بدلة و فستان بدعيله" يحكى الرجل الذى لا ينسى حين قدم إلى السيدة زينب، وعمل مع حسن عبده، الرجل الذى أدخله منزله وجعله مبيتا له، وكان أكله وشرابه داخل المنزل، جنبا إلى جنب مع ولديه: "وفضلت عايش معاه جوة بيته حوالى 8 سنين".
منذ 20 عاما توفى حسن عبده، ثم توفيت زوجته "عائشة"، وبعد ذلك ولديه "حمدي وسامي" وكان الرجل على تواصل معهم طيلة حياتهم، بعدما انتقل من السيدة زينب واستقل بحياته الخاصة في ورشة بشبرا لصناعة البدل: "الجميل مبيتنساش، وده راجل علمني وأسرته آوتني لما سبت المنوفية وجيت القاهرة، وكنت ابنه الـ3 بحق وحقيقي مش مجرد كلام".
"بدلة" معلقة على باب المحل، ينظر الرجل إليه لحظات قبل أن يضحك: "البدلة دى أنا عاملها عرض لشغلي، لكن مش بتاعتي أصلا ده زبون جه يصلحها وقلتله عايز 10 جنيه، سابها وبقالها 8 سنين كده".
كان الرجل يصنع "البدل" قديما بـ4 جنيهات، والفستان بـ150 قرشا، لكن كل شيء تبدل على مدار السنوات: "بقيت آجى المحل تسلية وقت بدل القعدة فى البيت أو القهوة، وكل حاجة اتغيرت من أول الأسعار لحد الزباين".