منصب «نائب الوزير» معروف فى الحياة السياسية المصرية منذ عهد بعيد. وبعد قيام ثورة يوليو 1952م مباشرة، صدر القانون رقم 223 لسنة 1953م بنظام نائب الوزير، الذى خضع للتعديل مؤخراً بموجب القانون رقم 217 لسنة 2017م. وفى الثانى عشر من يوليو 1980م، صدر القانون رقم 134 بتحديد مرتب نائب الوزير. وقد شهدت الفترة اللاحقة على ثورة 25 يناير 2011م تعيين العديد من نواب الوزراء، وبلغ عددهم فى حكومة الدكتور مصطفى مدبولى خمسة عشر نائباً للوزير، منهم ثلاثة نواب لوزير الإسكان ونائبان لوزير التخطيط، ونائبان لوزير المالية ومثلهما لوزير التربية والتعليم، ونائبان لوزير التعليم العالى، ونائب واحد لوزير الزراعة ومثله لوزير الكهرباء، ونائب لوزير الاتصالات ونائب واحد لوزير التضامن. كذلك، يلاحظ أن الحكومة الجديدة تضمنت توزير بعض نواب الوزراء ومساعديهم، كما هو الشأن بالنسبة للدكتور محمد معيط وزير المالية، الذى كان نائباً لوزير المالية لشئون الخزانة العامة، والدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة والسكان، التى شغلت قبل ذلك منصب «مساعد وزير الصحة والسكان لشئون المتابعة»، وياسمين عبدالعزيز وزيرة البيئة، التى كانت مساعدة لوزير البيئة السابق. كذلك، كان الدكتور أشرف صبحى وزير الشباب والرياضة الحالى مساعداً لوزير الرياضة السابق، لمدة سنتين، قبل أن يتقدم باستقالته عام 2016م لشعوره بتهميش دوره.
والواقع أن هذه الاستقالة لم تكن الأولى وليست الأخيرة لنائب أو مساعد وزير. ففى أكتوبر 2007م، استقال الدكتور محمد شوقى العنانى من منصبه كمعاون لوزير القوى العاملة والهجرة، اعتراضاً على تهميش دوره. ومؤخراً، وفى الثامن عشر من يوليو 2016م، صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1953 بقبول استقالة محمد نبيل المعداوى نائب وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وفى الرابع عشر من نوفمبر 2017م، صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2464 بقبول استقالة الدكتورة نهال المغربل نائب وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى للمتابعة. وفى الثامن من مارس 2018م، صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 361 بقبول استقالة عمرو المنير نائب وزير المالية للسياسات الضريبية. ولعل ما يلفت النظر هنا أن وزير المالية السابق كان له نائبان، هما الدكتور محمد معيط، الذى استمر فى منصبه حتى خلف الوزير السابق فى منصبه، والسيد/ عمرو المنير الذى استقال من منصبه قبل رحيل الوزير السابق.
ولتقييم تجربة نائب الوزير والاستفادة منها فى إعداد قيادات الصف الثانى، نرى ضرورة إيجاد آلية تكفل التعاون بين الوزير ونوابه فى أداء مهام الوزارة المسئولين عنها. وقد يرى البعض أن تحديد الاختصاصات المنوطة بنائب الوزير كفيل بتلافى مشكلة تهميش دور نائب الوزير، وأن ذلك ما استدعى صدور القانون رقم 217 لسنة 2017م، الذى نص على استبدال المادة الأولى من نظام نائب الوزير، لتكون: «يجوز وبعد موافقة مجلس النواب تعيين نائب للوزير، ينوب عنه فى اختصاصاته أو فى بعضها، كما يجوز عند غياب الوزير أن ينوب عنه فى حضور جلسات مجلس الوزراء بقرار من المجلس، وتعيين اختصاصات نائب الوزير بقرار من رئيس مجلس الوزراء..».. والواقع أن تعيين اختصاصات نائب الوزير كان منصوصاً عليه أيضاً فى المادة الأولى قبل استبدالها، وأن التعديل كان فقط من أجل النص على اشتراط موافقة مجلس النواب. ولذلك، فإن الأمر يحتاج إلى دراسة مستفيضة للوصول إلى التوصيات المناسبة فى هذا الشأن. وربما يكون من الملائم تكليف الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة بدراسة هذا الموضوع.. والله من وراء القصد.