فى أقل من شهرين قبل بداية اجتماعات الجمعية العمومية الـ73 للأمم المتحدة انهالت أخبار متسارعة حول الحالة الفلسطينية فى الأرض المحتلة، أصدر الكنيست (البرلمان) الصهيونى قانون القومية الذى يقضى بأن المواطن فى دولة إسرائيل هو اليهودى فقط، لينزع حق المواطنة عن أصحاب الأرض الفلسطينيين وينسف حقوق عرب 48 المسلمين والمسيحيين والدروز والأفارقة وغيرهم.. وذلك بالتزامن مع قرار أمريكى بنقل سفارتهم إلى القدس دون انتظار لحل الدولتين!!
وسحبت أمريكا دعمها لمنظمة الأونروا لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين، ليصبح 3 آلاف موظف فلسطينى بلا رواتب فضلاً عن مثلهم من الموظفين الأجانب من مختلف الجنسيات ويهدد تعليم الأطفال والمعونات الأساسية للحياة فى ظل الاحتلال الغاصب.. وصرخ المسئولون عن الأونروا وما زالوا يبحثون عن تمويل يقترب من 400 مليون دولار.. وفى ذات التوقيت ألغت إدارة ترامب الأمريكية دعماً بقيمة 20 مليون دولار عن ستة مستشفيات فى الضفة الغربية وهو ما يهدد بتوقفها، ثم كان القرار الضخم بإغلاق مقر السفارة الفلسطينية فى واشنطن وطرد السفير وأسرته من أمريكا.. وكانت ردود الفعل الفلسطينية تتراوح ما بين غضب وتهديد الرئيس عباس أبومازن، الذى اعتبر ما يحدث إلغاء لاتفاقية أوسلو والتفاوض مع المحتل، وتصريحات حماس المتناقضة عن المقاومة والتفاوض مع إسرائيل، ومواقف الفصائل الفلسطينية المتحاورة فى القاهرة لشهور حول العمل المشترك لتوحيد الإدارة الفلسطينية، التى تبدو تسير ببطء شديد، وعلى جانب آخر اشتعل الداخل الفلسطينى ضد الاحتلال فعادت حالات الطعن بالسكين من المقاوم للمحتلين.. واستمرت فعاليات المقاومة الفلسطينية السلمية فى حراك واسع، شمل غزة والضفة تحت شعار «مسيرات العودة» المستمرة طوال 44 أسبوعاً، التى شملت تظاهرات على الحدود ضد جيش الاحتلال وطائرات ورقية مشتعلة ضد المستعمرات الغاصبة للأرض وانطلاق 6 مواكب للسفن لكسر الحصار البحرى على قطاع غزة، ومئات القضايا أمام المحاكم الإسرائيلية ضد قانون القومية العنصرى وقرارات إزالة مساكن الفلسطينيين فى الضفة الغربية، وآخرها الكوم الأحمر.. وفى المقابل يمارس الاحتلال الصهيونى أبشع أشكال التنكيل والقتل والاعتقال والحصار المسلح والاعتداء على المسجد الأقصى واصطياد القناصة للمتظاهرين السلميين ومنع التعليم والدواء والعلاج وغيرها.
ويبدو أن من يديرون الملف الفلسطينى دولياً قد قرروا إلغاء كافة أشكال المؤسسات الشرعية التى تمثل الفلسطينيين منذ 1985 والتى اُعتمدت إقليمياً ودولياً.. فلا حقوق مواطنين تحت الاحتلال ولا حقوق حكومة ولا سفارة ولا منظمة إغاثة (الأونروا) ولا دعم مالى لتخفيف حدة الاحتلال، وهو ما يدفع الفلسطينيين إلى الهاوية ليقبلوا ما سيفرض عليهم من إجراءات فيما يسمى بصفقة القرن مجهولة الهوية والتفاصيل، وفى المقابل يقف جموع الفلسطينيين مقاومين بكل ما يستطيعون من آليات وحدهم بلا داعمين دوليين أو إقليميين.. أما القيادات الفلسطينية فهى فاقدة للفعل مترددة محاصرة بين ضغط الممولين الخارجيين والغضب المتصاعد داخلياً.. ويبدو أن سيناريوهات عام 2019 التى أعلنت مع بداية القرن عن مستقبل المنطقة والعالم سوف تفرض ظلالها بقوة خلال الشهور المقبلة.. ويبقى المستقبل بيد الله وحده سبحانه وإرادة المقاوم الفلسطينى حتى لو سقطت قياداته كلها.. والله غالب.