المُتابع للمشهد العام فى مصر يستطيع أن يلمح جديداً فى الأداء الحكومى والخطاب الموجه للرأى العام، وهو أداء -إذا ما استمر- فإنه يؤشر لتغييرات ستكون لها آثارها وانعكاساتها الإيجابية فى بعض المناحى.
لفترات طويلة لاحظ الكثيرون غياب التواصل بين الحكومة وبين البرلمان، واقتصار التعامل فى هذا الشأن على وزير شئون مجلس النواب، ورغم جهد مبذول من القائمين على هذا المنصب إلا أنه ليس كافياً لتحقيق التواصل المنشود بين الطرفين ولتنشيط الحياة السياسية.
وقبل أيام التقى رئيس الحكومة د. مصطفى مدبولى، ورؤساء هيئات برلمانية، فى حوار امتد لوقت أتاح المجال لحوار حول الأوضاع القائمة والسياسات الحكومية المقبلة وشكل العلاقة بين الطرفين، وهو لقاء طالما طالبنا به، فالهيئات البرلمانية تعبير سياسى وشعبى، والتحاور والتفاهم معها مسألة جوهرية لأى حكومة فى تواصلها مع الرأى العام لأنها قناة مهمة لنقل مشاكل الناس، ولا يجب اقتصار الحوار على بدء الدورة البرلمانية للحصول على دعم الهيئات للتشريعات والسياسات فقط وإنما التشاور معها والاستماع لملاحظاتها وتقييمها لالتزام الحكومة بتنفيذ برامجها، سيوفر لأى حكومة مساحة مطلوبة من الثقة الشعبية فى أدائها.
الأداء الحكومى خلال الأيام القليلة الماضية جاء مختلفاً بجولات رئيس الحكومة فى عدد من المحافظات أعاد لجهاز الدولة حيوية ونشاطاً كان مفتقداً لفترة وتسبب فى خمول الأداء وتراكم المشاكل وأصاب الرأى العام بإحباط للتضارب السائد بين ما يسمعه وما يراه فى الخدمات المحلية.
اللافت اختيار رئيس الحكومة لمحافظات الصعيد بداية جولاته الميدانية، واللافت أيضاً تركيزه على المشروعات التنموية والخدمية فى إشارة لحقيقة اهتمامات المرحلة المقبلة ومن بينها رد الاعتبار لجنوب الوادى الذى غرق فى دوامة النسيان لسنوات طويلة تركت آثارها السلبية على الإقليم.
والحال أن الحكومة فى مسيس الحاجة لاستعادة ثقة الرأى العام بعد أن تحول رأى الناس فيها إلى أنها حكومة جباية وليس إنجازات، فمهما كان حجم نجاحاتك على مستوى الاقتصاد الكلى للبلاد، فإن عدم انعكاس ذلك على مستوى الخدمات المحلية ومستوى حياة المواطنين لا يؤدى إلى ثقة الناس بك.
نزول رئيس الحكومة إلى الشارع خطوة متعددة الرسائل منها إظهار الحرص على متابعة الأداء وعدم الاكتفاء بالتقارير المكتوبة أو الشفوية، ومنها تحذير للمحافظين بأن أوجه القصور سوف تُنسب للحكومة وأن رئيسها لا يقبل ذلك، وهى أيضاً رسالة أمنية باستقرار الأوضاع.
لن تجدى توجيهات السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى بجذب الاستثمارات وتنمية الصناعات الوطنية فى المرحلة المقبلة من دون تحركات شعبية للحكومة تُحفز الناس على المشاركة والأداء وتخلق مناخاً ملائماً لتحقيق التوجهات الرئاسية.