قبل مدة، وبينما كنت أتصفح الفيس بوك، تسمرت بلا حراك أمام صورة «إهداء» مكتوب.. صفحة أولى لكتاب مُهدى من كاتبه أو مؤلفه الذى رحل بجسده ولم يفارق بحضور مشروعه الفنى ودوره، إلى من وصفه بـ«الصديق الحميم» و«الأخ» الذى شاطره كل دقائق حياته، وعشرة العمر، و.. و.. وتحت الصورة بضعة أسطر يقول فيها صاحبها إنه اشترى اليوم هذه النسخة من على سور الأزبكية! وقع الصدمة الذى ألجمنى لم يحُل بينى وبين التواصل مع صاحب البوست، رحت أتأكد منه مباشرة، بل وعرضت عليه أى مبلغ مالى مقابل هذه النسخة.. أحسست بأن جزءاً منى بيع على سور الأزبكية! لكن صاحب الكتاب والبوست رفض، وبعد دقائق رفع البوست، ولكنى كنت قد حفظت البوست (save). لم أتمكن من التخلص من الشعور بالوخز والنغز، وداهمتنى صورة، بل صور ومعانٍ تتداعى، خاصة وقد مكنتنى الظروف من الاطلاع على تفاصيل «الدفع» الفعلى التى كان يقدمها كاتبنا الراحل بجسده لمن وصفه بالصديق الحميم. كان الأمر فوق أى تصور أو تبرير، فصاحب الكتاب ومؤلفه الذى أفاض وأغدق على من تصوَّره «صديقه الحميم»، لم يكن قد مضى على رحيله بضعة شهور. وليس لأى خيال -مهما شطح- أن يقبل فكرة بيع نسخة مهداة على السور.
ميلى إلى الخطوط المستقيمة المباشرة جعلنى أتصل مباشرة بتليفون «الصديق» الذى وُصف بالحميم. رويت له، وسألته مباشرة عن صحة «الواقعة». لم ينفِ ولم يؤكد، ولكن عبقريته أهدته رداً يتناسب وتصرفه. قال لى حرفياً إنه ربما تكون الست اللى بتيجى تنضف قد سرقت الكتاب وباعته على سور الأزبكية.!! أحياناً تصل الأمور مع الناس إلى درك لا يستحق مجرد أن تنبس بكلمة.. كان بعض أبناء «كار» مهنى مقارب وبعض المعايشين، من نفس الوسط، قد رووا حكايات ومواقف، أوقف فيها من تم وصفه «بالصديق الحميم»، ملفات أو صور تكريم للكاتب صاحب الحضور رغم الرحيل، وقيل إنه فعل ذلك أثناء المرض، بحجة (ما تفوّلوش)، ثم بعد الرحيل، ولم أعرف كيف برّر.
المهم، هذا الأسبوع، حلّ من وُصف «بالصديق الحميم» ضيفاً منفرداً على برنامج «توك شو» بارز، وفى إطار تقاليد اللقاءات التى يجريها البرنامج، كان هناك استعراض لبعض الصور التى تخص من تم وصفه «بالصديق الحميم»، وعشرة العمر، من قبَل (بكسر القاف وفتح الباء) الكاتب الحاضر دوماً بمشروعه.. توالت الصور إلى أن جاءت صورة فى حضرة «قطب كبير» اتسمت علاقته بالكاتب الحاضر دوماً بنوع ومستوى يتجاوز، فى وثاقه ومتانته، غيره من العلاقات. الصورة كانت ضمن جلسات أسبوعية ذائعة الحضور، ومن ضمن حاضريها من تم وصفه بالصديق الحميم، الذى تفوق على نفسه هذه المرة.. لم يتعرف على وجه وحيد من أربعة هو واحد منهم.. أمعن النظر بعد أن ذكر القطب الكبير، ثم قال ببراءة: يمكن ده «فلان»، وراح يعدد سمات ودور فلان. والحق أن الشخص الذى ذكر اسمه فعلاً جدير بكل الاحترام، لكنه لا يمت بأى صفات يمكن أن تتشابه والكاتب الحاضر دوماً، الذى لا يمكن أن تخطئه، بنظارته وملامحه الصعيدية، ورأسه الأقرب إلى الصلع، وهيكله الأقرب إلى الطول والعرض، بينما صاحب الاسم، الذى ادعى (من وُصف بالصديق الحميم) أنه هو الموجود بالصورة، وهو من كنوز مصر أيضاً، فإنه يتسم بملامح مغايرة تماماً، أبرزها «قد دقيق وبياض بشرة» والأهم «شعر» أقرب إلى الغزارة بفرق على الجانب ميّزه حتى رحيله، وهو ما لا يمكن أبداً أن يكون محل لبس!
فى أول الثمانينات ظهر أول أفلام عاطف الطيب على الشاشة.. هل يفسر عنوان الفيلم بعضاً مما لم أستطع إدراكه؟!