يناير 2017، وأثناء مباراة مصر والكاميرون فى نهائى كأس أفريقيا، حدثت مشاجرة فى أحد مقاهى القاهرة انتهت بمقتل شاب، بعدها قامت الدنيا وتم إزالة الكافيهات واستبشرنا خيراً فى القضاء على هذا السرطان، ولكن كالعادة، الدنيا هدأت وعادت أسوأ وأصبحت كل شوارع مصر المحروسة لا تخلو من المقاهى، وتشعرك بأن لدينا «كافيه لكل مواطن»، وأننا دولة تحتل المركز الأول عالمياً ليس فى البحث العلمى والتقدم التكنولوجى -لا سمح الله- بل فى إنشاء الكافيهات، وكأنه إنجاز نقدمه للحضارة الإنسانية.
كتبت عن هذا الموضوع كثيراً، وأعيد طرحه، خاصة مع بداية الفترة الثانية للرئيس السيسى وحكومة جديدة (وزراء ومحافظين) برئاسة د. مصطفى مدبولى، وهو جاد فى العمل وجنى ثمار الإصلاح وثورتين قام بهما الشعب من أجل حياة كريمة لذلك أتمنى أن تقتحم الحكومة هذا الملف، لأنه يعج بالفساد، وتتحكم فيه مافيا لا تقل خطورة وأرباحاً عن تجارة المخدرات والسلاح، فكل الكافيهات غير مرخصة، أو مرخصة لنشاط وتمارس نشاطاً آخر، كلها تقدم الشيشة وهذا مخالف تماماً للقانون لأن الترخيص بالشيشة للفنادق والمراكب السياحية فقط، كل الكافيهات فى المبانى الإدارية والجراجات وتستخدم مرافق الدولة بأسعار زهيدة وتقدم خدماتها بأسعار مرتفعة، وتعطى لعمالها أجوراً زهيدة ولا تسدد الضرائب، الكافيهات تحتل الأرصفة والشوارع وتتسبب فى أزمات مرورية ومشاكل فى انتظار السيارات وتستخدم بلطجية يعتدون على المواطنين، وأصحاب الكافيهات من ذوى السلطة والمال أو شركاء من خلف الستار، الكافيهات سبوبة لبعض مسئولى المحليات، حيث يتقاضون رواتب شهرية مقابل التستر عليها والتغاضى عن سرقة المرافق، معظم روادها من الشباب (صبيان وبنات) فى مقتبل العمر ويبدأون طريقهم للإدمان بتدخين الشيشة والسهر حتى صباح اليوم التالى.. فما الحل إذن؟
أولاً: مراجعة تراخيص الكافيهات ومنع الشيشة طبقاً للقانون وإعادة فتح الجراجات المغلقة حتى نقضى على مشاكل الازدحام المرورى وانتظار السيارات وتحرير الأرصفة والشوارع، ليس معقولاً أن تنفق الدولة مليارات الجنيهات من أموالنا لإقامة جراجات عامة لا تسهم سوى فى حل مشكلة انتظار عدد قليل من السيارات وتترك مئات الآلاف من جراجات العمارات تحولت إلى كافيهات ومطاعم ومخازن، ثانياً: يتم تخصيص مواقع بعيدة لترخيص المقاهى مقابل حصول الدولة على حقوقها كاملة (ضرائب، وتأمينات، ومعاشات، وتأمين صحى ومرافق)، ومن يرغب فى تدخين الشيشة يذهب بعيداً عن المدن التى لم تعد تحتمل كل هذه الفوضى.
أيضاً يجب معاقبة أصحاب العقارات الذين حوّلوا الجراجات إلى كافيهات ومطاعم ومراكز دروس خصوصية، لأنهم يرتكبون جرائم يومية فى حق البلد، وهذا موضوع يحتاج تفاصيل أكثر فى مقال مقبل.
أى إنجاز صغير للمحافظين الجدد فى هذا الملف مردوده الإيجابى كبير وسريع على المواطنين وصورة الحكومة، ويجب أن نشعر بالأمل فى القضاء على الفوضى وفساد المحليات وانضباط الشارع، وتحيا مصر.