يكمل اللواء فؤاد نصار، مدير المخابرات العامة، رواية الانقلاب التى اخترعها النبوى إسماعيل، وزير الداخلية فى بداية عهد مبارك، ويقول: عندما دخلت على الضابط فى حضور النبوى ومدير المخابرات الحربية، لقيت حالته سيئة للغاية، فقلت له: اسمع، الصورة اللى انت موجود فيها دى والبهدلة وانت ضابط فى القوات المسلحة غير لائقة، فأنا حسألك أسئلة تجاوبنى عليها بصراحة كاملة، سؤال واحد حتجاوب عليه غلط أمر طردك من القوات المسلحة معايا، فإذا لم تجاوب بالصدق حينفذ أمر طردك، ومعايا مدير المخابرات العسكرية ونتركك هنا يعملوا فيك اللى هما عايزينه، مشيت دوغرى معايا حاخدك المخابرات العامة تتعامل هناك معزز مكرم، احكى لى بقى المؤامرة. وكان عندنا تسجيلات عن الضباط اللى عطوهم السلاح والذخيرة، فقعد يحكى، وجه لغاية حتة السلاح دى وتكلم غلط، فوقفت وقلت له: يا نبوى، هو عندك، اعمل فيه اللى انت عايزه؟ قلت له: يا ابنى انت عارفنى؟ قال لى: أيوه يافندم فلان بتاع حرب أكتوبر. قلت له: لا، أنا هنا مش بتاع حرب أكتوبر، أنا هنا بتاع الكلية الفنية، القصة إيه بقى يا ابنى؟ لقيته بيقول لى: أرجوك، أبوس إيدك، خدنى معاك، حقول لسيادتك الحق، دول فى المخابرات عندك، واحنا ساعدناهم شهامة مننا، فقلت له: موافق، كمل. قعد يتكلم صح (ما هو احنا عندنا المعلومات). وبعدين قلت له: أمّال إيه حكاية الانقلاب بقى؟ وقلت للنبوى إن فيه انقلاب، وقلت له أسماء ضباط، فقال: والله مفيش حاجة من دى يافندم، لكن هما بيضربونى ويقولولى قول مين معاك، فقلت أجيب اسم لواء، يعذبونى ويقولولى منين، أقول لهم من المدرعات، وكل ما يعذبونى أقول لهم اسم لواء آخر من المدفعية، ما هو انا يافندم اتبهدلت، وهما عايزين أسماء كبيرة. بعد اعترافات الضابط النقيب نظرت إلى مدير المخابرات الحربية، وقلت له: خده معاك ويتحاكم عسكرياً. ونظرت للنبوى إسماعيل وشكرته، ثم ذهبت للرئيس مبارك وأخبرته بالقصة كلها، وأنه لا يوجد انقلاب ولا أى شىء، والأشياء الأخرى تحت أعيننا ومسجلينها، لكن النبوى كان قاسى مع الولد وهو ضابط صغير، فكذب اعتقاداً منه أن هذا سوف ينجيه، فقال مبارك: طيب سيب موضوع النبوى ده، أنا حتصرف فيه (انتهى كلام نصار). وقام مبارك بعدها مباشرة بإقالة النبوى فى يناير 1982، وتقلد وزارة الداخلية حسن أبوباشا، وكان مبارك على علم تام بأن من قام بتوريط الرئيس السادات فى اعتقالات سبتمبر ٨١ هو النبوى بسبب تضخيمه للأحداث، مما حفز السادات على القيام بالاعتقالات الجماعية لكل الاتجاهات السياسية المعارضة، ولذلك أفرج مبارك عن جميع المعتقلين عندما تسلم الحكم. لقد كان النبوى يتقرب إلى الرؤساء طمعاً لينال منصب نائب رئيس وزراء، مثله مثل وزراء الدفاع، فكان يحيك ويزعم أن هناك قلاقل وتوتراً وانقلابات داخلية وأنه أعلم وأسبق بها من جميع أجهزة الدولة.
كان مبارك فى ذلك الوقت يدير ملفات السياسة الخارجية كما رسمها السادات، فقد كان على علم بها تماماً، وكان شخصاً فاعلاً وحامل رسائل فيها كنائب للرئيس، وكان أمامه تسلم باقى أراضى سيناء طبقاً لاتفاقية كامب ديفيد، وظهرت أمامه فى هذه الأثناء مشكلة (طابا)، فاتبع أسلوب السادات فى تكليف علماء وقانونيين دوليين وخبراء تاريخ، وعهد إليهم بها، بالتنسيق مع وزارة الخارجية، أما هو فكان يسابق الزمن فى الرجوع إلى الملتقى العربى ووجود مصر كعنصر هام وفاعل، وكانت الدول العربية المقاطعة قد بدأت فى آخر أيام السادات تستعيد علاقتها بمصر، وكان لمبارك دور كبير وهام فى أيام السادات، ولذلك قبض على هذا الملف واعتبره الخطوة الهامة والضرورة التى ترضى الشعب المصرى، وفى الوقت نفسه أطلق يد أبوغزالة فى وزارة الدفاع والملف العسكرى، وتحديداً ما يخص التسليح والعلاقات المصرية الأمريكية العسكرية، وفى نفس عام ٨٢ منح أبوغزالة رتبة المشير وتركه يختار رئيس أركان يتوافق معه فوقع اختيار أبوغزالة على اللواء «عبدرب النبى حافظ» الذى كان موالياً تماماً لأبوغزالة على الرغم من أنه سلاح مشاة وأبوغزالة مدفعية.