يعتبر عبدالحليم أبوغزالة من وزراء الدفاع المعدودين، الذين تمتعوا بالصفة السياسية بجانب العسكرية، وذلك عندما تمت الموافقة فى المؤتمر الثانى للحزب الوطنى فى أول أكتوبر ٨١ على تعيينه عضواً بالمكتب السياسى للحزب بإيعاز من السادات، وعندما بدأ حكم الرئيس مبارك فى ١٤ أكتوبر من العام نفسه، استمر أبوغزالة فى الوزارة الجديدة التى شُكلت، وبنفس التوصيف استبقى مبارك الحزب الوطنى، ولَم يحله، ولكن أدخل عليه تغييرات طفيفة بعد فترة، وكان سبب الإبقاء على الحزب، هو أنه إحدى ركائز اختيار مبارك رئيساً، حيث رشحه الحزب كنائب للرئيس السابق، ثم أجرى الاستفتاء الشعبى على موافقة الشعب على هذا الاختيار، ومع ذلك سنجد «مبارك» سوف يتبع نفس أسلوب السادات فى نزع الصفة السياسية عن وزراء الدفاع بعد ذلك، فكما كان محمد صادق هو آخر وزير حربية بصفة سياسية، وطلب بعدها «السادات» من القادة العسكريين أن يكونوا محترفى عسكرية لا شأن لهم بالسياسة، وهى الواقعة التى وافقه عليها «الشاذلى» فصعّده رئيساً للأركان، وحرم من الصفة السياسية كلاً من أحمد إسماعيل، والجمسى، وكمال حسن على، لتُرد مرة أخرى بواسطة «السادات» أيضاً مع أبوغزالة، ليتمتع بالصفة السياسية حتى إقالته من وزارة الدفاع، لينزع مبارك تلك الصفة السياسية مرة أخرى أيضاً من كلٍّ من يوسف صبرى أبوطالب، ومحمد حسين طنطاوى، ويحاول الإخوان جر عبدالفتاح السيسى إلى الصفة السياسية بمحاولة ضمه إلى حزبهم (الحرية والعدالة)، ولكن «السيسى» يرفض، ويعلن أن الجيش لا يسيّس ولا يتحزّب، لتحدث مفارقات إخوانية أخرى سنتحدث عنها فى حينها، ولنعد مرة أخرى إلى «أبوغزالة»، الذى كان يرى مبارك أنه رجل أمريكا ويجب إرضاؤها حتى تثبيت أركان جمهوريته التى لم تبدأ بعد، وكانت وجهة نظر مبارك مبنية على كون اختيار أبوغزالة فى عام ٧٨ ملحقاً عسكرياً بأمريكا، وأثناء عمله، حصل على دبلوم الشرف من كلية الحرب الأمريكية (كارلايل ٧٩)، ويعتبر أول شخص غير أمريكى يحصل على هذا الدبلوم، وهو أعلى الدراسات العسكرية العالمية، وحتى عندما تم تعيينه فى العام نفسه مديراً للمخابرات الحربية، إلا أن أمريكا تمسّكت به نحو ٦ شهور زيادة على مدته المحددة كملحق جاء بعدها لتسلّم المخابرات، ثم عين رئيساً لأركان حرب الجيش عام ٨٠، ويعتبر أبوغزالة من القادة العسكريين، الذين تمتعوا بجرأة النقد، وكان يجهر بهذا عن هزيمة ٦٧، وهو ما جعل أحمد إسماعيل يضعه فى كشف التقاعد عام ٦٩، وبإيعاز من مساعده عبدالغنى الجمسى الذى كان عقيداً وقتذاك، أى أنه أقدم من أبوغزالة بمدة قليلة، إلا أن عبدالناصر رفض عندما عرض عليه «فوزى»، وزير الحربية، النشرة، وقال أعرف ما يقوله أبوغزالة عنى وعنك، ولكن الجيش فى حاجة لمثل هؤلاء الضباط، ترك مبارك لأبوغزالة حرية اختيار رئيس أركان يتوافق معه، حتى يمكن تطبيق السياسة العسكرية الجديدة التى وضعها أبوغزالة، وعليه تم تعيين اللواء عبدرب النبى حافظ الذى كان زميلاً لأبوغزالة فى الكلية الحربية، وبالرغم من أن الاثنين من قادة الصف الثانى فى حرب أكتوبر ٧٣، فإن أبوغزالة كان يتمتع بكاريزما سارعت لظهوره ووضوح أعماله القتالية عن عبدرب النبى، الذى يعتبر تلاميذه قد تفوقوا عليه قتالياً، خاصة قادة الفرقة ١٦ مشاة، فكان على رأسهم محمد حسين طنطاوى، الذى عُرف ببطل معركة (المزرعة الصينية)، والشهيد العميد شفيق مترى سدراك، قائد لواء مشاة ميكانيكى، ومع أن عبدرب النبى لم يحقق مهام قتالية ملحوظة، فإن أبوغزالة اختاره حتى يدين له بالولاء، وينفذ ما يقوله، ولا يجد صعوبة معه، وهذا ما حدث بالفعل، وبدا أبوغزالة فى تغيير استراتيجية الجيش شكلاً ومضموناً، فقام بتغيير شكل ولون الزِّى العسكرى، وجعل رحلات العمرة متكررة طوال العام، ليتجه الضباط إلى الحالة الدينية العادية، ويتم امتصاص الحالة الجهادية التى أعدوا عليها لسنوات من أجل الحرب، وبدأ ينحو بالجيش إلى منحى الحياة المدنية بشكل تدريجى، فبدأ من خلال جهاز مشروعات الخدمة الوطنية الذى كان قد أنشأه أن يقوم بحركة بناء واسعة لصالح الجيش شملت إنشاء مساكن ومجمعات وأندية.