رسالة سامية ومهنة عظيمة
صورة أرشيفية
المحاماة رسالة سامية ومهنة عظيمة، المحاماة رسالة النبل والشرف والأمانة، أن تكون محامياً تعنى أن تدفع من حياتك وعمرك وصحتك دفاعاً عن موكلك وحقه وحريته وشرفه وسمعته. أن تعمل محامياً تعنى أن تكون مطلعاً على كل المهن وصاحب رؤية أشمل لمعنى الحياة مؤمناً بقيم الحق والعدل والحرية والمساواة والإنصاف، تعرف الخط الفاصل بين كل منهم، بل وتبدع فى ذلك بتطبيق القانون.
والمحاماة فى أصلها رسالة تطوعية لرد الحقوق أو استرجاعها أو تحديدها منذ البدء لذلك سمى ما يتقاضاه المحامى أتعاباً وليس أجراً، والأصل الفلسفى لذلك أن الدفاع عن قيم الحق والعدل والحرية والمساواة وردها لأصحابها لا يقدر بمال، لكن أيضاً لا بد للمحامى أن يعيش فكان حل المعادلة أن يكون له مقابل أتعاب.
ولأن المحاماة رسالة وليست كأى مهنة فكان لها أيضاً تقاليدها بين أصحابها، فتجد أن المحامى الكبير صاحب المكتب يتحدث عن زميله الذى يصغره بأنه زميلى بالمكتب يعاوننى ويعمل معى، وأيضاً من تقاليد المحاماة وواجباتها أن كل زميل مبتدئ بالمحاماة له على زملائه الذين سبقوه نقل علم المحاماة من حيث القيم والمبادئ وتطبيق القانون.
ونجد أن المحامى لكى يمارس مهنة المحاماة لا بد أن يحلف قسمها «أقسم بالله العظيم أن أمارس أعمال المحاماة بالشرف والأمانة والاستقلال وأن أحافظ على سر مهنة المحاماة وتقاليدها وأن أحترم الدستور والقانون»، وجاء ذلك القسم لأن المحامى لا سلطان عليه فى ذلك إلا ضميره وإيمانه بحق وكيله الذى ائتمنه على حقه وحريته وجاء من هنا المثل الشهير «لا تستطيع أن تكذب على طبيبك ومحاميك»، لأنك لن تجد من يحمل لواء حقك بل ويؤمن به ليكون استعادته هو قضيته يبذل فداء لذلك كل ما يستطيع من جهد وعناء بل وإبداع.
ولأن المحاماة رسالة الحق والعدل والحرية فقد ارتبطت فى مصر بالحركة الوطنية المصرية، فلا تجد أى موقف وطنى سواء كان فى مواجهة الاحتلال أو أى عدو من أعداء الأمة إلا وكانت نقابة المحامين بمحامييها دائماً فى مقدمة الصفوف متصدية لهذا العدو بإبداع المحامى وحصافته، فاختار المحامون أيام الاحتلال الانجليزى النقيب مرقس حنا، مسيحى الديانة، حين حاول الاحتلال زرع الفتنة ما بين المصريين بتعيين رئيس حكومة مسيحى، وبعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد كان لنقابة المحامين موقف وطنى فى رفض التطبيع مع العدو مما أدى لحل مجلس النقابة من قبَل رئيس الدولة، وفى ذلك الوقت تم سحب مقر الجامعة العربية من مصر بل وكل الاتحادات العربية إلا اتحاد المحامين العرب ظل بذات مقره بمصر، بل وتمسك المحامون العرب بالنقيب أحمد الخواجة رئيساً لهم وذلك تقديراً لموقف نقابة المحامين، وحديثاً حاول الإخوان المسلمين السيطرة على نقابة المحامين لأنهم يعلمون قيمتها الوطنية وذلك فى تمهيد للسيطرة على الوطن فجاء الرد سريعاً من محامى مصر متمثلاً فى نقيبهم الوطنى سامح عاشور ليكون أهم مؤسسى جبهة الإنقاذ الوطنى بل رأس الحربة بها للإطاحة بهم وهم فى رأس السلطة والنجاة بمصر المحروسة من مخططهم الجهنمى لتكون نقابة المحامين كما كانت عبر التاريخ منبراً وطنياً باقتدار، بل وصاحبة القيادة والريادة فى الحركة الوطنية المصرية.