حدث مفصلى فى تاريخ الأمة مثل هذا كان يجب أن يحظى بإنتاج فنى وأدبى يرقى إلى مستواه ليثبت قيمته العظيمة فى ذاكرة المصريين على مدى عقود وربما قرون.. هل تم؟
نعم تم ولكن بشكل كان ضعيفا للغاية ولا أتجنى على أحد إن قلت إن ما قدم من أعمال قلل كثيرا من قيمة وحجم الانتصار الذى نال قدره تماما فى الخارج ولم يحظ عندنا إلا بالقدر القليل الذى بخسه حقه.
من المؤسف حقا أن السينما المصرية لم تقدم سوى 6 أفلام فقط عن نصر أكتوبر العظيم، لم يحظ بالشهرة منها سوى 3 أو 4 أفلام فقط! عدد قليل جدا.. منها بالطبع فيلم "أبناء الصمت"، وفيلم "الطريق إلى إيلات"، وهما يؤرخان لفترة حرب الاستنزاف.. ثم أفلام ما بعد الحرب أشهرها فيلم "الرصاصة لا تزال فى جيبى"، و"العمر لحظة".. ولولا دعم الشئون المعنوية للجيش لهذه الأفلام لخلت الساحة الفنية تماما من أى عمل يسجل لانتصارنا الوحيد فى تاريخنا الحديث كله! ولأن العمل الفنى كان ضعيفا من حيث الحبكة الدرامية والتصوير وقدرات الفنانين فلم يعد أحد يهتم بمتابعتها بعد أن فقد حماسته نحوها.
لا أحب المقارنات.. حيث اختلاف الإمكانات المادية والفنية والقدرات الفائقة للمثلين التى هى على أعلى مستوى من الأداء والقدرة على التقمص التى تجعلك تعيش الحدث بكل مشاعرك وكأنك كنت معهم فى قلب المعركة.. هناك أفلام عالمية عن الحرب العالمية الثانية أثرت فى وجداننا فى مراحل سابقة وشاهدناها عشرات المرات بل لا نمل أبدا من مشاهدتها.. فمن منا ينسى فيلم "صوت الموسيقى" الرائع بطولة جولى أندراوز، أو أفلام: مدافع كانافارو - إنقاذ الجندى رايان بطولة توم هانكس - العدو على الأبواب عن معركة ستاليننجراد - السقوط.. الذى يحكى قصة سقوط هتلر بواسطة عشيقته - زمن الأبطال - الغارة الكبرى - غضب - الجسر ..... إلخ. عدد كبير من الأفلام كلها يضاهى بعضها البعض فى عظمة الإنتاج المتكامل لصناعة السينما الذى يؤكد دورها كأحد الأدوات المهمة لتشكيل الوعى وتثبيت الحدث فى ذاكرة الشعوب.. حتى وإن كانت هذه الأفلام قد مجدت حضارة الغرب ورسخت لفكرة رقى الفرد الغربى إلا أنه لا لوم عليهم.. فإن لم يكن الفن يخدم قضية قومية فما مهمته إذن؟! من يصدق أنه ما زالت صناعة السينما الأمريكية والأوروبية تنتج وتسوق لأفلام تحكى زمن الحرب العالمية الثانية؟!
هوليود الشرق كانت تغط فى نوم عميق وقت أن كنا نحقق أعظم انتصاراتنا!