الاقتصاد العنصرى ينتشر حالياً فى البلاد دون رقابة من أحد، ففى الأوساط التجارية يقال إن فلول الإخوان يدفعون مبالغ ضخمة تبدأ من المليون جنيه لأصحاب المحال التجارية الصغرى والمتوسطة لاستثمارها بعيداً عن البنوك والمنشآت الخاصة، ويسعون من خلال ذلك للسيطرة من جديد على جزء من النشاط الاقتصادى استعداداً لجولة أخرى من محاولات الاستيلاء على الدولة.
(1) فى أحد شوارع منطقة «سيدى بشر» بالإسكندرية يقع أحد فروع مول شهير تخصص فى تجارة الورق ومنتجات الشئون المكتبية والمدرسية، وفى إحدى جولات شرطة المرور فوجئ السيد نقيب الشرطة بعدد كبير من السيارات حول وأمام هذا المول، وقبل الشروع فى «كلبشة» هذه السيارات المخالفة قام النقيب بسؤال أحد العاملين فى المول إن كانت هذه السيارات تخصهم وزبائنهم أم أنها سيارات غريبة؟ وقال له العامل إن السيارات تخصهم، فتركها النقيب وطلب من العامل بعض الكراريس والكشاكيل والأقلام للأولاد بمناسبة العام الدراسى الجديد! هذه النفحة الكريمة بين الضابط وأصحاب المول شهدها كل المارة وفرحوا بهذه الروح الطيبة فى التعاون بين الشرطة والشعب!
(2) مول شهير آخر فى الإسكندرية يحتل أحد فروعه ثلث شارع القائد جوهر ويترك الثلث الثانى لشخص يمتلك عدة أوناش وسيارات نقل ورفع الأثاث، ويضع هذه السيارات الضخمة فى مواجهة المول بصفة دائمة ومعها مكتب دائم -على الرصيف- للسادة موظفى هذه الشركة وسائقى الأوناش، وباقى الشارع يحتله السادة الباعة الجائلون والثابتون، ويتفرع منه شارع آخر اسمه شارع نوبار، وهو محتل بالكامل من الباعة، ولا يسمح بمرور أى وسيلة مواصلات بما فى ذلك التوك توك والموتوسيكل والدراجة!
(3) أصحاب أحد المولات المنتشرة بكثافة فى كل أحياء الإسكندرية يرفضون تعيين أى موظف إلا بعد تلاوة بعض سور القرآن الكريم التى يحفظها، فإن لم يكن من حافظى هذه السور أو من متقنى تلاوة القرآن لا يقبلوه حتى لو كان من خريجى الجامعة الأمريكية!
الاقتصاد العنصرى ينتشر حالياً فى البلاد دون رقابة من أحد، ففى الأوساط التجارية يقال إن فلول الإخوان يدفعون مبالغ ضخمة تبدأ من المليون جنيه لأصحاب المحال التجارية الصغرى والمتوسطة لاستثمارها بعيداً عن البنوك والمنشآت الخاصة، ويسعون من خلال ذلك للسيطرة من جديد على جزء من النشاط الاقتصادى استعداداً لجولة أخرى من محاولات الاستيلاء على الدولة.
(4) فى منطقة محطة مصر بالإسكندرية يوجد سوق عجيب تباع فيه كل السلع الغذائية منتهية الصلاحية، وبعضها مكتوب عليه بوضوح أن تاريخ إنتاجه يرجع إلى سنوات طويلة مضت، وبعضها تبدو عليه علامات العفن والتحلل، ويقبل الناس بكثافة على شراء هذه المنتجات لرخص ثمنها رغم علمهم بحقيقتها. والمهم فى هذا الموضوع أن أحداً من زبائن هذا السوق لم يصب على الإطلاق بأى نوع من التسمم أو المرض أو حتى الارتباك المعوى.
يقول البعض فى تفسير ذلك إن الزبائن يشبهون البضائع، فكلا الطرفين منتهى الصلاحية، ولهذا ترفض السلع إيذاء الزبون!
(5) منذ أربع أو خمس سنوات تم إلقاء كميات هائلة من مواد البناء داخل فناء محطة السكة الحديد الرئيسية فى الإسكندرية، وظهرت أمام المحطة لافتة ضخمة ما زالت موجودة حتى الآن ومكتوب عليها: «مشروع إنشاء وتطوير محطة سكة حديد الإسكندرية»، والغريب فى هذا الشأن أن المحطة موجودة بالفعل منذ أيام الاحتلال البريطانى، فكيف ننتظر الآن إنشاءها من جديد؟ والأغرب من هذا أن مواد البناء ما زالت على حالها داخل فناء المحطة دون أن يستخدمها أحد فى أى شىء طوال السنوات الأربع الماضية وحتى الآن، ونأمل فى زيارة السيد وزير النقل لهذه المحطة المنكوبة ليرى بنفسه الأرصفة المهدمة داخل المحطة، ومواد البناء المحتشدة فى فنائها، ثم يشرح للناس سبب هذا الحال المائل!
(6) فى أعقاب هوجة يناير قالت الصحف ووسائل الإعلام الأخرى إن الاتحاد الأوروبى أو البنك الدولى أو شيئاً من هذا القبيل قد تكرم بتخصيص منحة أو قرض بملايين الدولارات واليوروهات لتطوير ترام الإسكندرية بعد فشل قيادات المدينة فى تنفيذ مشروع مترو الأنفاق أو مشروع كوبرى علوى يوفر طريقاً يربط المدينة من أقصاها إلى أدناها تنفذه اليابان بنظام المشاركة فى العائد دون أن تكلف الدولة المصرية مليماً واحداً، وهو المشروع الذى يقال إن الجانب المصرى رفضه لأنه خالٍ من العمولات! المهم أن شيئاً لم يحدث حتى الآن رغم مرور سنوات طويلة على المنحة الأجنبية الكريمة، وما زال الترام السكندرى متهالكاً يقطع المسافة بين أول الخط وآخره فى ساعات طويلة، والفائدة الوحيدة لهذا الترام يحصل عليها الصائمون فى شهر رمضان، حيث يمكنك ركوب الترام بعد السحور والوصول إلى المحطة النهائية قبل الإفطار بقليل دون أن تتكبد مشقة انتظار مدفع الإفطار فى منزلك إن كنت لا تعمل خلال الشهر الكريم كمعظم السادة الصائمين المصريين.
كنت أود توجيه تساؤل للسيد المحافظ الجديد حول هذا الموضوع، ولكنه للأسف ما زال يبكى على حال كثافة الفصول فى مدارس المحافظة، ولم يستأنف عمله بعد.
(7) زمان، قيل لنا إن الإسكندرية مدينة كوزموبوليتان، أى إنها تشمل كل الأجناس والثقافات، حيث كانت فى بداية تاريخها عاصمة ثقافية للعالم كله، كما أرادها الإسكندر المقدونى، أما الآن فقد صارت المدينة الجميلة مرتعاً ومركزاً لكل أنواع القبح والعاهات المرورية والمعمارية والأمنية والحكومية، وندم «الإسكندر» على الخطيئة التى ارتكبها حين أسس هذه المدينة، وما زال هذا القائد العظيم يرفض الكشف عن موقع مقبرته داخل المدينة حتى لا تتحول إلى معجنة للباعة الجائلين والبلطجية ولصوص التراث والتراب!