كثيرا ما نصدر أحكاما خاطئة على بعض الأمور في حياتنا، وليس هذا إلا بسبب الخلط بينها دون تحرى الدقة.
فهناك مثلا بعض الصفات التى نتهمها بالسلبية ونتمنى بل ونسعى جاهدين للتخلص منها باعتبارها خطرا يهدد نجاحنا فى الحياة.. وسنتناول اليوم صفة التردد.
التردد: من الصفات التي تم إدراجها ظلما ضمن الصفات الشخصية السلبية التي يتحتم علينا التخلص منها.
نعم هو ذلك التردد الذي لا تخلو منه أفكارنا والمتهم بأنه يؤدى إلى سلوك سلبي من شأنه تفويت الفرص، وتأخير بعض الأمور الهامة فى حياتنا.
فكم من علاقات فشلت لأننا أسأنا للصفة فأصبح كل من يتصف (بإنسان متردد) به عيب لا يغتفر، وقد كان ذلك كافيا له أو لها بإنهاء علاقة كان من الممكن أن تكتمل لو أن كل طرف استوعب حقيقة التردد ونظر له بمفهومه الصحيح.
هيا بنا نقترب من هذه الصفة
عُرف عن التردد أنه عدم القدرة على اتخاذ القرار، ومحاولة تأجيل اتخاذه وقد يصل الأمر أحيانا إلى خوف الشخص من تحمل المسئولية محاولًا التفلت منها ، مما ينطوي على شخصية ضعيفة غير قادرة على تحمل المسئولية.
والحقيقة أن التردد هوعين الحكمة إذا كان بصورته الصحية المتوازنة.
التعريف الدقيق للتردد:
التردد عملية مناقشة العقل في الأمر محل الخلاف مع المرونة الكافية لتعديل الخيارات.
حقيقة الشخص المتردد
لا يصدر التردد إلا عن شخص مسئول متحمل تبعات قراره لماذا؟ لأن إحساس المسئولية يمنعه أن يكون أهوجا يتخذ قرارات عبثية دون أسس، ودون النظر إلى نتائجها
فلماذا نتهم شخصا كهذا بالمتردد عديم الشخصية؟
وما المطلوب من شخص -وضع موضع اختيار بين أمور عدة، أو وضع أمام قرار عليه قبوله أورفضه- غير التردد وسيلة؟! لعلمه بأن لا أحد غيره سيتحمل تبعات هذا القرار.
أزمة مفتعلة
كثير من الشكاوى تأتى عن كيفية التخلص من صفة التردد التى يبغضها الشخص فى نفسه أو فى الآخرين، نعم هناك التردد الضار الذى ينبغي التخلص منه ، وهناك تردد مفيد ينبغي تطويره والحرص عليه.
متى يكون التردد المفيد؟
1- ألا يترتب عليه تأخير أو تفويت فرص نادرة الحدوث
2- لا يترتب عنه الامتناع التام عن اتخاذ قرار وترك الأمر دون البت فيه
3- ألا يترتب على تفويته إلحاق ضرر بآخرين
أما التردد الضار فهو ما يترتب عليه كل ما سبق
كيف تجعل التردد مفيدا: (خطوات عملية لاتخاذ القرار)
هناك حالتان
الحالة الأولى: إذا كان لديك الوقت الكافي للاختيار
ابدأ التفكير من أول يوم يعرض فيه الأمر عليك، ولا تؤجل ذلك بحجة اتساع الوقت، وإلا سينتهي بك التهاون إلي اضطرارك لاتخاذ قرار عاجل دون تفكير.
2-الإلمام بكافة جوانب الموضوع من خلال جمع أكبر قدر من المعلومات عنه
3-أخذ مشورة الآخرين والسماع لآرائهم وخبراتهم السابقة في الموضوع
4-العمل بالحديث الشريف (درء المفاسد أولى من جلب المنافع)
فيجب أن يكون معيارك أثناء الاختيار هو الابتعاد عن أي أذى يمكن ان يلحق بأحدهم ، ثم المنافع التي سيجلبها هذا القرار لك وللآخرين.
5- الابتعاد عن الميل القلبي تجاه اختيار معين ، حتى لا تتحكم العاطفة في هذه المرحلة من الاختيار.
6- بعد انتهاء المراحل السابقة ينبغى أن يكون للقرار القدر الكافي من القبول والارتياح النفسي ، فلا تفعل مالا يطمئن إليه قلبك.
الحالة الثانية: أن يكون اتخاذ القرار ضرورة حالة
أى إذا كان الاختيار مطلوبا على وجه السرعة
فأنت أمام هؤلاء:
1-الدعاء لله بإلهامك التوفيق
2- درء المفاسد
3- جلب المنافع
4- ارتياحك القلبي
عزيزى القارئ.. اعلم أنه لن تفوتك هذه النصيحة الغالية من رب العباد فى كل قرار تقدم على اتخاذه (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب).
تمنياتى بقرارات موفقة.