أصابتنى حالة من الاستغراب أو الاستنكار وربما مشاعر أخرى لم أتبين منها، وربما تداخلت كل هذه المشاعر بعدما طالعت خبراً، نشرته الصحف والمواقع الإلكترونية أوائل هذا الأسبوع، يقول إن محافظ المنيا اللواء قاسم حسين قرر إطلاق اسم عمر بن الخطاب على شارع بالمحافظة كان مسمى بشارع حسن البنا، وهو شارع متفرع من شارع الحرية شرقاً بحى جنوب مدينة المنيا!
وقال المحافظ، فى تصريحات صحفية، إنه تمت مراجعة أسماء الشوارع والميادين فى جميع المراكز، وتغيير ما يحمل منها أسماء أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية، واستبدالها بأسماء شهداء مصر الأبطال أو رموز وشخصيات عامة وتاريخية، لها بصمة وتأثير إيجابى على الجميع.
وأضاف المحافظ أنه كان من المقرر إطلاق اسم أحد شهداء المحافظة من أبطال الجيش أو الشرطة، إلا أنه بمراجعة جميع الأسماء مع إدارة المجالس تم التأكد بالفعل من إطلاق أسماء عدد كبير منها على مدارس أو شوارع وفقاً لطلبات أسرهم، حيث يفضل أهالى الشهداء -والكلام لا يزال على لسان السيد المحافظ- إطلاق أسماء شهدائهم على أماكن قريبة من محال إقامتهم، فتم الاستقرار على اختيار اسم عمر بن الخطاب لارتباط المنطقة بذلك الاسم وإطلاقه على أحد أهم المساجد القريبة من الشارع وهو مسجد عمر بن الخطاب.
انتهى الخبر وانتهت تصريحات السيد المحافظ.
الحقيقة أن استغرابى واستنكارى ومشاعرى الأخرى تضاعفت بعد مطالعة تصريحات السيد الوزير المحافظ، الذى بدا واضحاً أنه رد على أسئلة لم تسأل أصلاً! وتعمد وربما تغافل عن الرد على سؤال واحد هو السؤال المهم فى هذا المقام، كما أراه، وهو: كيف ظلت محافظة المنيا، كإدارة محلية وشرطة وأعضاء مجلس نواب وكيانات سياسية، صامته أو غافلة عن وجود اسم مؤسس الجماعة الإرهابية على أحد الشوارع الكبرى بالمحافظة، على الأقل بعد قيام ثورة الثلاثين من يونيو 2013 التى أطاحت بالإخوان وأبعدتهم عن حكم مصر؟ وهل هذا الصمت أو التغافل عفوى أم متعمد؟، وهل هو ناتج عن تخوفات من الاصطدام بأتباع الإخوان الذين كانت لهم سطوة كبيرة فى غالبية مراكز المنيا وقت حكم الإخوان، وهم من وضعوا المنيا فى مقدمة المحافظات من حيث عدد الحوادث الإرهابية والتخريبية التى وقعت فى أعقاب فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة يوم الرابع عشر من أغسطس عام 2013، وراح ضحيتها العشرات من الأبرياء الذين قتلوا على أيدى أتباع الجماعة الإرهابية!
الاستفسار عن سبب التغافل أو الصمت موصول عن مدى استمرار تأثير أذناب الجماعة الإرهابية فى محافظة المنيا، خاصة أنها هى المحافظة التى شهدت خلال السنوات والأشهر القليلة الماضية تكرار حوادث استهداف الأقباط بشكل سافر، سواء بالاعتداء على البعض منهم وعلى ممتلكاتهم أو بمنع البعض الآخر من أداء الصلاة فى عدة كنائس مرخصة ببعض مراكز المنيا!
الأمر الصادم أن وجود شوارع تحمل أسماء قادة ورموز الجماعة الإرهابية لا يقتصر على محافظة المنيا، فقد كشف زميلنا حازم حسين الصحفى بجريدة «صوت الأمة» أن هناك أكثر من عشرة شوارع فى عدة محافظات لا تزال تحمل أسماء رموز وقادة الجماعة الإرهابية.
أظن أن مواجهة استمرار تأثير وسطوة أتباع الجماعة الإرهابية فى بعض المحافظات، بتغيير اسم شارع يحمل اسم أحد رموز الإرهاب، أمر غير موفق بالمرة، أظن كذلك أن مسئولية المواجهة الفاعلة لهذه الظاهرة، تقع على عاتق الدولة بكل أجهزتها، ولا يجب أن تترك للمحافظين فقط!
هذا إذا أردنا ألا نكون غافلين عن مواجهة خطر قد يستفحل فى وقت قريب جداً.