هاجر.. أولى ابتدائى وقتئذ.. وهل علينا شهر رمضان المعظم -رمضان 2016- اتفقت معها أن تصوم.. لم تفلح معنا احتجاجات زوجتى "البنت صغيرة.. هتتعب.. و.. و.." باختصار انتصرت فى موقعه الاتفاق.. اسمعتها المسحراتى فى التلفيزيون من قبيل التحفيز.. وفى الشارع من باب التصميم.. تحمست وبيتت النية.. وعقدت العزم على صوم أول أيام الشهر الفضيل.
1 الساعة 9 صباحا سألتنى هاجر بتذمر ودون أى براءة:
- باقى كتير على المغرب؟!
كان السؤال يحمل طيه الكثير من التهديد.. لم أرد.. قالت بمكر ظاهر وكأنها تكلم نفسها "أصل أنا عطشانة".. لم أرد تجنبا لأى جدل سفسطائى قد ينتهى بإبطال صومى وإفطارها فى وقت واحد! لكنها عادت تكرر: "عطشانة جدا".. حاولت أن أبدو صارما.. قلت فى حسم مبطن بالرجاء:
- لازم تكملى اليوم.. هو فى إيه بالظبط؟
قلت هذا بيأس.. فردت بزهق طفولي: - هانشوف.. هانشوف!
لم ارتح كثيرا لـ "هانشوف..هانشوف" هذه.. يبدو أن وراء الأكمة ما وراءها.. غابت عن عينى.. خمنت أنها نامت وصادف الحقيقة.. واعتبرت ذلك من قبيل نوم الظالم!
2
أذن الظهر فى الجامع القريب.. استيقظت.. فركت عينيها.. وعادت تساءلنى بغير اقتناع:
- هو ده المغرب؟!
قلت باقتضاب كى أنهى الحوار.."لا ".. سكتت هنيهة.. ثم دخلت فى الموضوع وجابت م الآخر:
- لو عاوزنى أكمل صيام هات لى كورة.
قلت بغير تردد: موافق.. كملى.. واجيب.
اعترضت: هات وأنا أكمل.
استغفر الله العظيم.. جدل بيزنطى أوشك أن يحول الصيام إلى عملية ابتزاز.. وبعد "اه" و"لا".. اشترت كورة.. خلاص.. اتلهت فيها شويتين.. ثم طق فى يافوخها فكرة مجنونة.. اقترحت:
-قوم العب معى.
وكان عندى اقتراح آخر:
العبى بعيد عنى.
أنذرتنى كما المندوب السامي: "أنا سيباك من بدري".. قلت لها: "ما اعرفش ".. أكدت: "لا تعرف".. يبدو أنها اكتشفت فى فجأة مواهبا رياضية لم أعهدها فى نفسى طوال عمرى.. ثم.تركت حكاية اللعبة برمتها جانبا وأقنعتنى تماما عندما سألتني:
- قلت لى باقى قد إيه على المغرب؟
فى هذه اللحظه اكتشفت أنى اقدر اقف جون!
3
على آخر الزمن لعبت كرة.. وبصرف النظر عن النتيجة.. كانت الساعة تشير إلى الثانية عندما جمعت أمرها.. وأعلنت صراحة كمن فاض بها الكيل:
- خد رجع الكورة.. أنا هاشرب.
كان يجب أن أحتج.. وبعد تفاصيل طويلة انتهى النقاش إلى صوم مشروط..
- لو عاوزنى أكمل صيام.. هات لى مسدس ميه.
- المسدسات فى العيد.
- لا.. بتتباع فى رمضان.
- بعد المغرب.
حسمت الأمر وقالت: "عموما أنا عطشانة.. وبدأت أجوع كمان.
قلت مستسلما: روحى يا ستى هاتى زفت.. يا رب نخلص بقى.
4
دخل المسدس بيتنا.. وبدأت الحرب.. كانت هذه المرة بعيدة عني
- الحنفية مفتوحة. هذا صوت زوجتي
- اقفلى الحنفية يا هاجر. هذا صوت ابنتى ضحى
- بتقول مش هتقفل يا ماما.
هذا صوت آية ابنتي
- يا عالم حرام عليكم.
هذا صوت الجيران
وازدادت الحرب اشتعالا عندما بدأت ترش ميه بالمسدس على الغسيل المنشور
آية وضحى فى نفس واحد:
- الحقى يا ماما.
زوجتى تستغيث كما استغاثت فى نفس الوقت بنت صغيرة ماشية فى الشارع
- هاجر رشت على مية من البلكونة.. وبلتنى زوجتى مرة أخرى لكنها تتهمنى أنا هذه المرة
- والنبى إنت السبب فى كل اللى بيحصل ده
لقيتنى طرف فى معركة لا ناقة لى فيها ولا جمل.. قلت مدافعا عن نفسي:
- إنت أصلا تعتبريننى المسؤول عن دخول الهكسوس مصر.
و......
و......
و......
انطلق مدفع الإفطار.. عرضت على هاجر قبل أن تفطر:
- لو حبيت أكمل صيام للعشاء هات لى عروسة تغمض وتفتح
يتبع لاحقا