يرتبط التحرش دائماً بالمرأة.. رغم ما يحدث أحياناً من تحرش ضد الأطفال بشكل خاص، ولذا أعجبنى كثيراً الحديث عن قاعدة «ممنوع اللمس»، هذه القاعدة هى الشعار الذى يجب التمسك به لنمنع أى انتهاك ضد المرأة أو الأطفال، فإن المسألة فى تصرفاتنا اليومية أبعد من ذلك بكثير، وقاعدة «ممنوع اللمس» هنا هى قاعدة عامة لا ترتبط فقط بمفهوم التحرش الجنسى، ولكنها أيضاً فى المعاملات اليومية العادية بما فيها الضحك واللعب مع الأطفال خصوصاً لكى يستوعبوا جيداً أن هذا سلوك غير مرغوب فيه.
لا نعتقد كمجتمع مصرى فى مسألة الخصوصية سواء بشكلها الفردى أو الجماعى بشكل نهائى، وعلى سبيل المثال: لا تستطيع أن تقرأ أى شىء فى المواصلات العامة لأنك ستجد من يحوم بعينيه صعوداً وهبوطاً أو يميناً ويساراً ليقرأ معك ما تقرأه حتى ولو كانت رسالة موبايل، وهو الأمر نفسه الذى يحدث إذا تكلمت فى الموبايل، حيث يتطفل كل من حولك لسماع ما تقول واستنتاج ما يقال لك من منطق أنه (رامى ودانه عليك).
يتكرر ذلك بشكل جماعى فى الشارع.. سواء إذا كان هناك فرح أو عزاء، والأسوأ لو كانت هناك مشاجرة حيث يتدخل فيها (الرايح والجاى) دون معرفة حقيقة الشجار أو أسبابه.. من منهم على حق ومن على خطأ، ويظهر ذلك أيضاً بوضوح جداً فى أماكن تقديم الخدمات غير المميكنة بأرقام تفرض أن يتقدم كل مواطن أمام شباك الخدمة للحصول على طلبه بحسب أولوية الأرقام طبقاً للوصول لمكان الخدمة، فأماكن تقديم الخدمات التقليدية التى بها «طوابير».. تمثل أكبر انتهاك لخصوصية أى مواطن سواء (بالزق) أو بالتدخل فيما هو خارج الاختصاص، ويتكرر الأمر نفسه فى أسلوب سير السيارات.. بحيث لا يحترم أحد «الحارة المرورية» التى يسير فيها ضمن عدم احترام قواعد المرور بشكل عام.. فتجد السيارات تقترب من بعضها بدرجة تجعلك تتخيل للوهلة الأولى أنها ستصطدم ببعضها.
الأمثلة كثيرة على انتهاك الخصوصيات، وعلى التجاوزات.. ولذلك أعتقد فى أهمية تعليم الأطفال فى المدرسة قاعدة «ممنوع اللمس».. لتتطور بعد ذلك لمفهوم الخصوصية بشكلها العام، ويمكن أن نبدأ ذلك من خلال دليل سلوك للمعلمين مع الأطفال فى المدارس، وعلى ألا يتعارض ذلك الدليل مع القواعد التربوية فى تعليم الأطفال وتربيتهم وعقابهم أيضاً.. بحيث نضمن التربية الحقيقية دراسياً وسلوكياً «أخلاقياً».. يتطلب الأمر أن نبدأ.. والبداية من خلال سلوك المدرس داخل المدرسة.
نقطة ومن أول السطر
احترام مبدأ الخصوصية الشخصية والجماعية هو أحد المنطلقات الرئيسية للسلوك الحضارى.. بحيث لا يقيم كل مواطن من نفسه قاضياً على سلوك غيره بالحكم عليه.. وليترك هذا الأمر لأجهزة الدولة الرسمية التى تحدد من أخطأ أو من تجاوز طبقاً للنصوص القانونية، وليس طبقاً لعشوائية الشارع.