«أمينة» تواجه قبح الحياة بنصف وجه: «الحياة تحدى»
أمينة
منذ أكثر من عشرين عاماً، تجمّع الأهل والأصدقاء فى مستشفى بمدينة تطوان بالمغرب، منتظرين بشغف بالغ وصول المولودة الجديدة، ومع انطلاق صراخها الأول لحظة خروجها إلى الحياة، سادت حالة من الوجوم، سيطر الصمت على الجميع مع بعض الهمهمات والتغامز، حيث وُلدت حينها أمينة محمد السلاوى، بوجه مشطور نصفه معافى والآخر مشوه.
حاولت الأسرة إجراء عدة جراحات تجميلية، لكنها فشلت فى تعديل وضع «أمينة»، فقرّر والدها أن يُسلحها بالرضا والقوة والصبر منذ كانت فى سن الروضة: «كنت أتألم وأنا فى سن العاشرة، الأطفال لا يخفون سخريتهم منى، إشارتهم إلى وجهى واستهزائهم بعاهتى كان صعباً»، تأقلمت مع الأوضاع، واجتازت سنواتها الدراسية واحدة تلو الأخرى واعتادت أن تبحث فى منصات عرض المشكلات على مواقع التواصل الاجتماعى علها تجد معاناة أصعب من حالها فيهون عليها ذلك الأمر: «أرى بنات كثيرات يكرهن حياتهن لأسباب تافهة، لو كن يعيشن بوجه مشوه فى مجتمع عربى، لذُقن طعم المر الحقيقى».
تتكرر على مسامع «أمينة» عبارات التعاطف والشفقة أينما تذهب، وأكثر ما يتردّد كلمة «مسكينة» التى دائماً ما تؤذيها: «كنت أخشى أن أبكى، حتى لا يغضب الله عليا لرفضى قضائه وقدره»، قررت أن تظل صامدة وقوية فى وجه الرفض المجتمعى: «استمديت قوتى من أسرتى الطيبة وصاحباتى اللاتى أحببن روحى وتغاضين عن مظهرى الخارجى»، استطاعت أن تنهى دراستها الجامعية من جامعة عبدالمالك السعدى بتطوان، لكنها تعثّرت فى الحصول على وظيفة بسبب حالتها، لكنها لم تيأس، وبدأت مشروعها الخاص، بافتتاح محل للحلوى والفطائر الجاهزة التى تعدّها بنفسها فى شارع عثمان بن عفان فى المدينة ذاتها، حيث مسقط رأسها: «الحياة تحديات، ومعدن الإنسان الحقيقى يظهر بمواقفه فى الاختبارات اليومية».