وما زلنا مع كتاب «الأعمدة السبعة للشخصية المصرية»، تلك الأيقونة التى أبدعها المفكر الراحل الدكتور ميلاد حنا منذ ثلاثين عاماً.
الأعمدة السبعة كما رصدها بتأمله لتاريخ مصر وجغرافيتها، ووصفها بالتفصيل، هى:
العمود الأول: انتماء مصر الفرعونى
وهو العمود الأول الذى تقوم عليه الشخصية المصرية، ويعتز المصريون بالحضارة الفرعونية الضاربة فى القدم، وأول حضارة مكتوبة ومدونة عرفها التاريخ، فضلاً عما تفردت به وسط الحضارات القديمة من علوم، وما من فرع من فروع العلم إلا ويتم التعرف على إسهامات قدماء المصريين فيه، وهذا ما تنطق به الأدلة الأثرية التى تركوها والمنتشرة حول العالم.
العمود الثانى: انتماء مصر اليونانى الرومانى
يتمثل العمود الثانى للشخصية المصرية فى الانتماء للعصر اليونانى والرومانى، وتداخله مع العصر الفرعونى، وكما تأثرت مصر بحضارة اليونان، رأى اليونانيون أنهم تلاميذ المصريين فى الحضارة، ومن جامعة ومكتبة الإسكندرية، خرج العلماء إقليدس، وأرشميدس، وبطليموس، وتتجلى أوجه ذلك التأثير فى امتزاج الأبجدية الإغريقية مع اللغة المصرية القديمة.
العمود الثالث: انتماء مصر القبطى
يرتبط العمود الثالث للشخصية المصرية ببداية عصر جديد هو العصر القبطى، الذى تميز بوجود المدرسة اللاهوتية العريقة بالإسكندرية، ولعبت مصر دوراً قيادياً فى صياغة الفكر الدينى المسيحى فى قرونه الأولى، كما ابتكرت مصر فكرة الرهبنة، من خلال الأنبا أنطونيوس عام 250 ميلادية.
العمود الرابع: انتماء مصر الإسلامى
يقوم العمود الرابع للشخصية المصرية على انتمائها الإسلامى، ومن خلاله أدرك المصريون أن العلاقة الدينية مباشرة بين الإنسان وربه، فالإسلام لا يفرض عليهم قيوداً، ويمكنهم الاحتفاظ بالطقوس والعادات المصرية الأصيلة التى لا تخالف تعاليمه السمحة، وفى مصر الأزهر أقدم جامعة دينية فى العالم، ومنارة الفكر الإسلامى حتى الآن.
العمود الخامس: انتماء مصر العربى
يتعلق العمود الخامس للشخصية المصرية بانتماء مصر العربى، حيث كان سكان شبه الجزيرة العربية على اتصال بشعب مصر منذ زمن يسبق عصر قيام الأسر الفرعونية، فاللغة المصرية القديمة واللغة العربية تحملان نفس الأصل، وهناك الكثير من القواميس بها آلاف المفردات المصرية التى تشترك مع العربية فى نفس المبنى والمعنى. ويظهر هذا الأمر جلياً فى الأمثال الشعبية والتشبيهات المختلفة، ويصف ميلاد حنا -فى تشبيه هندسى- مصر بعمود الخيمة فى علاقتها بالأمة العربية، ولا غنى لكليهما عن الآخر.
العمود السادس: انتماء مصر للبحر المتوسط
ينبثق العمود السادس للشخصية المصرية عن انتماء مصر الأصيل للبحر المتوسط، فأغلب الحضارات التى مرت على مصر جاءت عبر المتوسط، وهى علاقة جدلية جعلت سكان الإسكندرية وبورسعيد أشبه بأهالى أثينا ولارنكا وجنوه ونابولى من حيث التكوين النفسى والعادات والتقاليد، وقد ساهم هذا التقارب فى تعلم سكان اليونان وإيطاليا وفرنسا اللغة العربية.
العمود السابع: انتماء مصر الأفريقى
يعد انتماء مصر لأفريقيا المستقبل الواعد، العمود السابع من أعمدة الشخصية المصرية، ورغم انتماء مصر لمنطقة الشمال المختلفة ديموجرافياً عن الجنوب، فإن لمصر تاريخاً متأصلاً فى القارة السمراء، بدأ منذ عهد الفراعنة، وامتد بدعمها حركات التحرر الوطنى فى أكثر بلدان أفريقيا فى عهد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، ويرى ميلاد حنا أهمية كبرى من الناحية الاقتصادية لأفريقيا بالنسبة لمصر حيث تتوافر إمكانيات الاستثمار الزراعى، واستيعاب العمالة المصرية فى المستقبل بعد تشبع الدول العربية بها.
• منتدى شباب العالم الذى يعقد تحت شعار الأعمدة السبعة للشخصية المصرية، هو رسالة تذكير للشاب المصرى بأنه متعدد الانتماءات، وابن حضارة متراكمة حصرياً فى بلاده، وأن هذا مصدر قوة وفخر، وهو رسالة لشباب العالم للتعريف بحضارة وطبيعة الشعب المصرى المهتم بمستقبله والساعى لعالم أكثر إنسانية.