مؤيدون: تكرار نظام «الكوتة» تمكين لـ«الأضعف».. ومعارضون: مصادرة لرغبة الناخب
«عبدالعال» خلال ترؤسه إحدى الجلسات العامة للبرلمان
بين مؤيد ومعارض، اختلف عدد من الخبراء السياسيين، حول تقييم نظام «الكوتة فى التمثيل البرلمانى، فبينما طالب المؤيدون باستمراره، داعين إلى تعديل دستور 2014، الذى نص على تطبيق هذا النظام لدورة برلمانية واحدة، أكد المعارضون أن هذا النظام يمثل إخلالاً جسيماً بمبدأ المساواة بين المواطنين، باعتباره من أهم المبادئ الدستورية، وأنه يؤدى إلى إلغاء جزئى لصوت الناخب، وربما يدفع قطاعات وفئات أخرى، مثل المعلمين والتجار والمصنعين، إلى المطالبة بنسب تمثيل خاصة بهم، ما يفقد العملية الديمقراطية جوهرها، ويحول البرلمان إلى «تورتة» تقسمها الفئات لا ممثل عن الأمة كلها. وينص الدستور المصرى على أن يطبق التمييز الإيجابى لدورة برلمانية واحدة بالنسبة لفئات الشباب والأقباط ومتحدى الإعاقة والمصريين فى الخارج، بينما تنص المادة 11 من ذات الدستور على الإبقاء على كوتة المرأة دون تحديد فترة لتطبيقها.
ويرى المؤيدون لنظام الكوتة أنه يعتبر وسيلة للتغلب على فجوة التصويت بين فئات الرجال والنساء والشباب ومتحدى الإعاقة، كما يشكل أداة سريعة وفعالة للتعامل مع مشكلة التمثيل الناقص لعدد من الفئات فى البرلمان والحكومة، ويمنحها جانباً من حقوقها، فضلاً عن أنه يسهم فى تعزيز وتفعيل دور المرأة والشباب ومتحدى الإعاقة والمصريين بالخارج، فى المجتمع بشكل عام والحياة النيابية بشكل خاص، كما أنه يساعد على خلق وإعداد كوادر نسائية وشبابية متميزة فى مجال العمل البرلمانى.
وقال الدكتور جمال سلامة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة السويس، إن العمل بنظام الكوتة يتم فى الظروف الاستثنائية، مشيراً إلى أن مصر عندما أقرته بعد ثورة 30 يونيو كانت تمر بوضع استثنائى، وبعدما استقرت الدولة لا يصح استخدام هذا النظام مرة أخرى، وأضاف سلامة لـ«الوطن» أن كوتة العمال والفلاحين ألغيت بعد سنوات من العمل بها، لأنها لم تحقق الهدف المرجو منها، موضحاً أن الذين نجحوا كممثلين للعمال أو الفلاحين لم ينحازوا بشكل حقيقى للفئات التى جاءوا للتعبير عنها وعن قضاياها، وتساءل قائلاً: ماذا قدمت النائبات للمرأة المصرية؟ وهل استطعن صياغة مشروع قانون للأحوال الشخصية يحمى المرأة والطفل؟ مشيراً إلى أن الكوتة لا تأتى بأفضل العناصر، وهو ما نشاهده حالياً فى البرلمان، فكثير من ممثلى هذه الفئات أداؤهم التشريعى والرقابى متواضع جداً، وأوضح سلامة أن الانتخابات ينطبق عليها مبدأ العرض والطلب، مثلما ينطبق على كل شىء، مشيراً إلى أن الشعب هو الذى يختار من يمثله، من بين مختلف المرشحين، مقترحاً أن تشترط الدولة بالقانون على الأحزاب أن ترشح نسباً معينة من الفئات المختلفة، لكن ليس بالضرورة أن تنجح هذه الفئات، فربما يترشح ممثلوها ولا يفوزون، وأكد أن تمكين المرأة والشباب وذوى الاحتياجات الخاصة من المواقع القيادية يحتاج إلى تغيير نظرة المجتمع لهذه الفئات، موضحاً أن زيادة وعى المواطنين تستلزم جهداً ثقافياً يُبذل من قبل مؤسسات الدولة التعليمية والثقافية، فـ«نحن فى حاجة لحركة مجتمعية واسعة ستأخذ وقتاً كبيراً، وهذا أمر لا يشعرنا بالخوف، لأن عمر الدول أكبر بكثير من عمر الأفراد».
«فهمى»: استمرارها يساعد على استكمال إنجازاتها.. وممثلوها بذلوا مجهوداً كبيراً خلال الدورة البرلمانية.. و«عوض»: لا بد من إلزام الأحزاب بترشيح 50% سيدات على قوائمها
وفى السياق ذاته قال الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن نظام «الكوتة» يساعد الفئات المهمشة غير القادرة على الوصول لمقاعد مجلس النواب، والمواقع القيادية بشكل عام، فى الحصول على نصيبهم من التمثيل المناسب، مشيراً إلى أن الكوتة حققت أهدافها فى الدورة الأولى لمجلس النواب، واستطرد: لكن التوقف عن نظام الكوتة أمر جيد، يدفع هذه الفئات إلى العمل الجاد لطرح نفسها على الناخب المصرى وإقناعه بأحقيتها فى الوصول إلى المقاعد النيابية، موضحاً أن الكوتة لم تأت سوى بـ16 نائباً من الشباب، بينما بقية الشباب بالمجلس نجحوا بدون أى مساعدة، وأكد بدر الدين أن الانتخابات بشكل عام لا تأتى بأفضل العناصر، ما يستلزم تأسيس نظام سياسى وحزبى قادر على صناعة كوادر سياسية مثقفة ومدربة وتفهم جيداً دورها التشريعى والرقابى، مضيفاً «أقول للنواب المميزين إيجابياً بالدستور، لا تعتمدوا على نتيجة الانتخابات الماضية، واعملوا جيداً لكسب الناس لتنتخبكم، فالمرشح الجيد يجذب الناس».
«سلامة»: نظام للظروف الاستثنائية فقط.. و«بدر الدين»: توقفها أمر جيد.. وعليهم بذل الجهد لإقناع الناخب باختيارهم «فالمرشح الجيد يجذب الناس»
وفى المقابل طالب الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، بتعديل الدستور للحفاظ على الكوتة، من أجل الفئات غير القادرة على الوصول للبرلمان، موضحاً أن ممثلى هذه الفئات بذلوا مجهوداً كبيراً خلال الدورة البرلمانية، وعملوا على إعداد حزمة من التشريعات على رأسها قوانين «الهجرة غير الشرعية» و«ذوى الإعاقة» وغيرهما، وعبروا أفضل تعبير عن فئاتهم، ولا بد أن نساعدهم لاستكمال إنجازاتهم فى البرلمانات المقبلة، وقال «سيتم تعديل الدستور آجلاً أو عاجلاً، وهنا تحضرنى مقولة الرئيس عبدالفتاح السيسى إن الدستور كُتب بالنوايا الحسنة، وبالتالى لا يجوز أن نفتقد الإنجازات، التى حققتها هذه الفئات، وأن نحرمها من وجودها فى مجلس النواب المقبل، فبعد أن أصبح لدينا 120 نائباً شاباً فى البرلمان الحالى، ربما نفاجأ بهبوط العدد إلى 10 شباب فى المقبل، رغم أن الشباب يحتلون عدداً أكبر من مقاعد البرلمانات العربية والغربية»، وأشار إلى أن دساتير دول أسكتلندا وهولندا وألمانيا تقر تمثيل كل القوى الاجتماعية غير القادرة على الفوز فى الانتخابات، لأهمية وجودها فى البرلمان، موضحاً أنه من المبكر تقييم هذه التجربة، خاصة أن الدستور منحها فترة برلمانية واحدة، وهذا لا يكفى، وعلينا أن نضمن لهذه الفئات وجوداً مستمراً وطويل المدى، لحين الارتقاء بالحياة السياسية وتقوية الأحزاب وتغيير ثقافة وفكر المجتمع.
ومن جهتها تقول الدكتورة هدى عوض، أستاذ العلوم السياسية، إن إلغاء نظام الكوتة، حسب رغبة بعض الخبراء السياسيين، سيتسبب فى ردة سياسية حقيقية على مستوى تمثيل جميع الفئات، موضحة أن الدولة فى حاجة لوجود تمثيل قيادى للمرأة فى المحليات والحكومة والبرلمان، وأن الهدف من التمييز الإيجابى أن نصل فى يوم من الأيام لنسبة تمثيل نسائى للمرأة بمجلس النواب والمجالس المحلية تعادل 50%، وأضافت «عوض» أن المجتمع غير مؤهل فى الوقت الحالى لأن يكون تمثيل المرأة بالبرلمان مساوياً لتمثيل الرجل، مشيرة إلى أن ألمانيا تشترط على الأحزاب السياسية ترشيح نسبة 30% سيدات على قوائمها، ومن الممكن تشريع قانون مصرى يشترط على الأحزاب ترشيح نسبة 50% سيدات على قوائهما، وإذا لم تفعل ذلك لا تُقبل القائمة، وأكدت أن البعض يرى أن إقرار نظام الكوتة فى الدستور لا يغير ثقافة المجتمع، وأنه لا بد أن نقر تشريعاً يلزم الأحزاب بتطبيق نظام الكوتة، فذلك يغير الثقافة المجتمعية بشكل أسرع وحقيقى، بينما يرى البعض الآخر أنه لا بد من النص على تخصيص نسب لفئات المرأة والشباب والأقباط والمصريين فى الخارج ومتحدى الإعاقة فى الدستور، لحماية هذه الفئات فى حالة ضعف الأحزاب، مع وضع قانون يلزم هذه الأحزاب بتطبيق النظام فى ذات الوقت.