تلقيت دعوة كريمة من اللجنة المنظمة للمنتدى العالمى للشباب الذى عُقد بشرم الشيخ فى الفترة من 3 إلى 6 نوفمبر الحالى. وكالعادة كانت رئاسة الجمهورية تتدخل فقط فى مراسم الوزراء وكبار الشخصيات المدعوة من الرئيس بالمكانة التى تليق بمصر المكان والمكانة، وتركت كل تفاصيل وإشراف وإدارة المنتدى لمجموعات الشباب والفتيات الذين انتشروا فى كافة القطاعات والفنادق والمطارات والموانئ، وفى كل موقع كان له صلة بهذا المؤتمر، حتى تخيلت أنهم عشرة آلاف شاب، وقيل لى إنهم فقط نحو 600 شاب من الشباب والفتيات، هم زهور وزهرات هذا المنتدى.
ولقد فاجأ الرئيس مصر والعالم بدعوته لكبار الشخصيات والرؤساء والملوك لحضور منتدى هو للشباب، فإذا بالأمم المتحدة ترسل منسق الشباب وممثل السكرتير العام للأمم المتحدة، وأمراء وملوك ورؤساء يرسلون أهم الشخصيات لديهم للحضور، وإذ بأفريقيا، وآسيا، وأوروبا، والأمريكتين، يشاركون بممثلين عنهم على كل المستويات. وفوجئ الجميع بتجربة نضال جنوب أفريقيا التى جسدها حفيد نيلسون مانديلا، متحدثاً عن تجربة جده فى إنهاء صراع دامٍ فى جنوب أفريقيا بالحوار، وممثلة تونس الفائزة بجائزة الأمم المتحدة لإنهاء الصراعات تتحدث عن الحوار، وممثل كازاخستان، وأمريكا، وماليزيا، وإندونيسيا كلهم يتحدثون عن أن السلام لن يأتى إلا بالحوار. ورد الرئيس السيسى عليهم جميعاً أن هذا هو دور القيادة السياسية، وأن القيادات السياسية فى كل بلد ملزمة بإدارة الحوار بين كافة أطراف المجتمع للقضاء على الاحتقان أولاً، ثم تحقيق السلام ثانياً، وأن تحقيق السلام داخل البلد نفسه هو الخطوة الأولى لتحقيق السلام مع الآخرين. وضرب مثلاً بمبادرة السلام للرئيس السادات، وكيف أنه تحمّل مسئوليتها وحده، وكيف لو أن كل الأطراف استمعت إليه لكان الصراع كله قد انتهى. ثم أضاف أن كل مواطن حر فى تدينه، وأن الدولة ملزمة بإقامة دور العبادة للجميع، وأنها ملزمة ببناء الكنائس مثل التزامها ببناء المساجد، ولو كان هناك يهود لبنى لهم دور العبادة.
وكرر الرئيس مطالبته بتصحيح الخطاب الدينى، وقال إنه لا يطالب بإلغاء الخطاب الدينى، ولكنه يطالب بالتصحيح لمفاهيم كانت صالحة منذ ما يزيد على 700 عام ولم تعد مناسبة لعصر حدثت فيه تحولات ضخمة.
كما فاجأ الرئيس الجميع حينما أشار إلى بعض الدول التى يهمها استمرار الصراعات فى المنطقة كوسيلة هدم للدول. وكانت المفاجأة الأكبر فى صراحة الرئيس حينما قال: لماذا لا تساعدنا الدول الكبرى التى تشتكى من الهجرة غير الشرعية فى توفير وظائف لهؤلاء، وكم هى تكلفة هدم الدول، وعدد النازحين لمصر أكثر من 5 ملايين نازح، فى فما بالك لو لا قدر الله حدث لمصر مثل هذه الدول، فهل كان يتحمل أحد هجرة 50 مليون مواطن، ولماذا تهتم هذه الدول بالمساعدة فى بناء ما تم هدمه، ولا تسارع للمساندة قبل أن يتم هدم البلد نفسه؟!
وطبعاً أكد الرئيس أن ثورة 30 يونيو رفض فيها الشعب التطرف الدينى ولفظ مفهوم التطرف الدينى، وتمسك بدولة الوطن المشترك للجميع، وليس دولة أديان متفرقة، فإذا بممثلى بعض الدول، مثل لبنان والعراق، يشرحون ماذا فعلت بهم الطائفية، وكيف سارت كالنار فى الهشيم، تأكل الأخضر واليابس. وتركت كلمات الرئيس انطباعات متسائلة عن فكرة أن مصر، رغم كل ما فعلت، لم تعد بعد إلى ما كانت عليه قبل أحداث يناير، حيث إن الهدم كان الوسيلة، ولو كان الحوار والتغيير الهادئ هو الوسيلة لما دفعت مصر والشعب كله هذا الثمن الباهظ للهدم الذى هدد بضياع الوطن كله لا فرق بين مسلم ومسيحى ولا فقير وغنى، فالكل سيدفع الثمن الذى تحمله الشعب المصرى ببسالة منقطعة النظير.
حفظ الله مصر وقائدها وجيشها.