تابعت تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال لقائه المراسلين الأجانب على هامش فعاليات منتدى شباب العالم فى شرم الشيخ الذى انتهت دورته الثانية أمس الأول الثلاثاء.
أتفق معها لأنها تعبر عما يجب أن يكون، بالإضافة لأمور أخرى معها. ولكن تبقى تساؤلات علينا طرحها لنقف على حقيقة أزمة تتسبب فى تغييب الوعى وترك مساحات الفراغ لمن يملأها بالكذب.
قال الرئيس إن المهنية فى الإعلام تتطلب مزيداً من العمق والحديث مع عناصر لديها الخبرة الوافية بالمواضيع التى تتحدث عنها. أتفق قلباً وقالباً مع هذا الطرح الذى تعلمته وخبرته منذ العام 1991، ولكن من نحاسب سيدى الرئيس على سطحية العرض واستضافة غير القادرين على توضيح الأمور بما يليق بالقضية والوطن والمشاهد فى إعلام بات يكرس للجهل والحديث بلا معلومة وفرض الرأى على الحقيقة؟ ثم دعا الرئيس الإعلام إلى مناقشة قضية التعليم فى مصر بشكل علمى وموضوعى متكامل لكى نحقق أهدافنا، وكذلك قضية الزيادة السكانية التى هى أحد أسباب مشاكلنا. مطالباً إياه بالقيام بدوره فى توعية المصريين بأسباب تراجعنا فى السنوات الأربعين الماضية حتى لا يترك الساحة لدور سلبى لوسائل التواصل الاجتماعى. وتلك نقطة أخرى أتفق معها «مليون فى المائة»، مضيفة لها حاجتنا إلى مناقشة كل القضايا التنموية التى تساهم فى بناء الإنسان وعلى رأسها الثقافة والأخلاقيات والصحة والإنتاج. ولكن فاقد الشىء لا يعطيه فإن كان الإعلام لا يتحدث بعمق فى ما يناقشه من قضايا -وفقاً للتصريح الأول- فلن تعنيه القضايا التنموية ولا طرح التحديات فى الدولة بما لها وما عليها بعين الناقد الطارح للميزات والعيوب معاً لتصحيح الوضع. وهو معنى مفتقد فى الإعلام المؤيد والمعارض رغم رفضى للتوصيف لأنه يتنافى والمهنية.
نعم سيدى الرئيس غاب العمق عن إعلام سيطرت عليه برامج الترفيه والرياضة والطهى والستات. وهى مجالات مهمة فى الإعلام يجب تناولها ولكن ليس بالشكل المقدم وليس بالسيطرة المفروضة التى تؤكد على جهلٍ بمهام الإعلام وبناء الشخصية وحماية وعيها. فهل يُعقل أن يكون للمرأة على أهم أربع قنوات أربعة برامج تحمل ذات الاسم وذات القضايا مع اختلاف الوجوه؟ 3 ستات - السفيرة عزيزة - كلام ستات - الستات ما يعرفوش يكدبوا!!! أليس هناك قدر من الإبداع حتى لمنع التكرار؟
أتفق مع تصريحات الرئيس وأزيد عليها بمقالات كتبتها عن صناعة الإعلام وما تتعرض له بلادى من حرب للوعى، ولكن يجب علينا الاعتراف أن الملف لم تتم حتى الآن إدارته بالشكل الصحيح فى الدولة. وأن وسائل تنظيم الإعلام لم تُصلح حال الإعلام فى بلادى بدءاً من الهيئة الوطنية التى تحتاج لكشف حساب عن تأثيرها ودورها بعد ما يقرب من عامين على وجودها غير الخناق على المكاتب والسيارات. مروراً بالقنوات التى لم يعد خافياً على القاصى والدانى دور مؤسسات الدولة فيها، وهذا لا يعيب بلادى على الإطلاق، فإعلام العالم الذى يدعى التحرر وحقوق الإنسان تسيطر عليه أجهزة مخابرات تلك البلاد، الدويتش فيله الألمانية - بى بى سى البريطانية - سى إن إن الأمريكية وغيرها كثير، ولكن السؤال هو كيف يديرونها؟ الإجابة بمهنية المحترفين. تضع الدولة رؤيتها وما تريده من هذا الإعلام ثم تترك التفاصيل للقادرين على هذا شكلاً ومضموناً ومن يخطئ يُحاسب بالقانون. دون أن تمتلك القنوات أو تديرها منعاً لفساد العقول والنفوس وتضارب المصالح.
نعم أستشعر القلق على ملف الإعلام فى وقت تتعرض فيه بلادى وستظل لحرب وعى لن تنتهى.