١- فى تصريحات صادمة للسيدة الفاضلة وزيرة الصحة أمام لجنة الصحة بالبرلمان منذ عدة أسابيع أعلنت سيادتها أنها لا تمتلك العدد الكافى من الأطباء بالوزارة لتغطية الاحتياجات المطلوبة.. بل إنها كانت أكثر صراحة حين استدركت تصريحاتها بالتفسير أن الأطباء يفضلون العمل بالخليج - وتحديداً المملكة العربية السعودية بحسب كلامها- على البقاء والعمل داخل الوطن..
الطريف أنها كانت تعترف بالمشكلة دون أن تسأل نفسها قبل الآخرين عن السبب.. والأطرف أنها تبدو وكأنها لا تعرف السبب فعلاً!!
٢- ثورة مكتومة.. واعتراضات تتصاعد على ما صرح به السيد رئيس الوزراء وبحضور وزيرة الصحة بمنع تجديد إجازات الأطباء المعارين بالخارج إذا كنا نبحث عن حل لمشكلة نقص الأطباء!
البعض ينتقد التصريح لأنه يخالف القرار الذى أصدرته الحكومة قبل شهور قليلة بالسماح بمد الإجازات للعاملين بالخارج.. باعتبار أن الطبيب مهنى مثله مثل المدرس والمهندس.. وليس مميزاً عنهم فى شىء!!
البعض يستنكر حرمان الدولة من تحويلات الأطباء.. والبعض الآخر يرى أنهم ينعشون خزينة الدولة بمئات الملايين من الدولارات سنوياً.. ويرى أن قراراً بهذا الشكل سيؤدى لموجة استقالات عاتية لا قبَل للدولة بها!!
الكل يبحث عن مصلحة شخصية أو مردود مالى.. ولكن أحداً لم يقدم حلاً بديلاً للسيد رئيس الوزراء!!!
٣- على عكس التيار السائد.. أعتقد أن قرار منع تجديد الإجازات للأطباء العاملين بالخارج هو قرار سليم للغاية إن تم اتخاذه من وزارة الصحة.. بشرط أن يكون بداية لتحسين دخل الطبيب العامل داخل البلاد..
فكرة «حفظ الوظيفة» والاحتفاظ بباب خلفى للطبيب الذى يعمل بالخارج للعودة للوطن دون أن يخسر شيئاً تحمل قدراً كبيراً من الأنانية.. هذا إذا ما علمنا أن بقاءه على قوة وزارة الصحة أو وزارة التعليم العالى يكلف الدولة تأميناته ومعاشه.. ويكلفها أنه يظل محسوباً عليها ويستحق مرتبه كاملاً بمجرد العودة.. وهو أمر أراه غير عادل..
موجة الاستقالات المنتظرة ستؤدى إلى توفير مرتبات هؤلاء الأطباء لتحسين دخل ومرتبات الأطباء العاملين فى الوزارة.. بالإضافة إلى توفير حوافز إضافية لهم تجعلهم يفكرون مرتين قبل السفر.. كما أن زيادة دخل الطبيب فى مصر ستجعل سعره فى الخارج أعلى بكل تأكيد..
٤- لا تعانى المنظومة الطبية عجزاً فى أعداد الخريجين.. ولا فى تأهيلهم وتدريبهم كما يدعى البعض وعلى رأسهم الوزير السابق.. المشكلة الحقيقية تكمن فى تسرب الأطباء من العمل الحكومى بالوزارة وتوجههم للعمل فى القطاع الخاص أو فى الخارج لأسباب واضحة للجميع.. أولها ضعف المقابل المادى.. وليس آخرها تدنى مستوى بيئة العمل..!
أن تعترف بالمشكلة فهذا جيد.. ولكن أن تنكر أسبابها فلا قيمة لاعترافك للأسف سوى تبرير ما هو غير مقبول تبريره!!
الأزمة الحقيقية هى أزمة توجيه وتنظيم فقط.. فما تم رصده من ميزانية للقضاء على قوائم الانتظار كان يكفى ويزيد لتجهيز أكثر من مائة مستشفى.. وكان يكفى لرفع قيمة بدل العدوى للأطباء.. وكنا سنقضى على قوائم الانتظار فى الوقت نفسه بالمستشفيات التى تم تجهيزها، بالإضافة إلى أننا سنتمكن من إدراجها فى منظومة التأمين الصحى بعد ذلك عند تطبيقها..!!
إن كنا نبحث عن نظام صحى منضبط للمريض.. فلنوفر لطبيبه -أولاً- ما يكفيه.. وللمنشأة الطبية ما تحتاجه.. وللمنظومة الإدارية ما يجعلها أكثر سهولة ويسراً..
إن كنا نبحث عن نظام صحى منضبط.. فلنبحث عن الطبيب قبل أن نلهث وراء المرض..!