صديقى د. وجدى زيد (الله يرحمه) تولى مناصب كثيرة، منها مدير مركز اللغات والترجمة بجامعة القاهرة، والمستشار الثقافى المصرى فى تركيا وأمريكا، ومستشار وزير النقل، وكلها مناصب استحقها وحصل عليها باجتهاده دون أى وساطة أو مجاملة، وكان رحمة الله عليه شخصية وطنية وعاشقة لبلدها، وبنى نفسه بنفسه، وصعد السلم من أوله، وحينما كنت أسأله عن أحلامه لمصر يقول «اللهم نجنا من الفقر» لأنه يقصم ظهور الرجال ويذل أعناق النساء، ويجبر الإنسان على القيام بأعمال مشروعة وغير مشروعة.
الفقر هو السبب فى موت شبابنا غرقاً فى البحر وهم فى طريقهم إلى أوروبا هجرة غير الشرعية.
وهو السبب أيضاً فى أن يبيع المواطن عضواً من جسمه لمافيا تجارة الأعضاء، أو يبيع نفسه كلها للجماعات الإرهابية، ويجبر الأهالى على تزويج (بيع) بناتهم القاصرات للأثرياء العرب.
الفقر يجعل الإنسان يشعر بالنقص، وأنه منبوذ من المجتمع، وليس فقط على مستوى الأفراد بل حتى الدول، فالعالم لا يعترف إلا بالأقوياء الأغنياء، ولا يعير الدول الفقيرة أى اهتمام.
الفقر أكبر عقبة تهدد الشعوب والدول، وهو بالنسبة لنا فى مصر مشكلة كبيرة لأن نسبة ليست قليلة تحت خط الفقر، ونسبة أكبر تعيش على الكفاف، ومن يحمل هموم معيشته لا تنتظر منه عملاً جيداً أو إتقاناً.
ما الحل لهذه المشكلة؟ الحق يقال إن الحكومة تبذل قصارى جهدها حتى تخفف المعاناة على الفقراء سواء من خلال الإسكان الاجتماعى وتوصيل مياه الشرب والصرف الصحى للمناطق المحرومة، وأيضاً برامج الحماية الاجتماعية وتوسيع شبكة المعاشات والجهود المبذولة فى مجال الصحة والتعليم والدعم، وخاصة التموين، ومؤخراً أعلن الوزير على مصيلحى أن هناك 64 مليون مستفيد من منظومة التموين، و77 مليوناً من الخبز المدعم، بالإضافة إلى جهود منظمات المجتمع المدنى فى مساعدة الفقراء لمواجهة الظروف المعيشية الصعبة، وكل هذه جهود مطلوبة ومشكورة تحاول الحكومة من خلالها تخفيف معاناة الفقراء، ولكن هناك حلاً نهائياً لمشكلة الفقر هو التنمية وإقامة مشروعات إنتاجية كثيرة فى كل المجالات تفتح ملايين فرص العمل لتشغيل المواطنين وتسهم فى زيادة الإنتاج حتى يتوقف نزيف الاحتياطى النقدى وأيضاً السيطرة على غول الأسعار.
المشروعات هى العلاج الجراحى لمشكلة الفقر، والدولة خلال الأربع سنوات الماضية حققت طفرة كبيرة فى مجال البنية الأساسية وأنفقت عليها مئات المليارات بهدف تشجيع الاستثمار وإقامة المشروعات العملاقة، كما أنها عالجت العوار التشريعى من خلال حزمة قوانين لتهيئة مناخ الاستثمار فإصلاح البنية الأساسية والتشريعية وسيلة لهدف أكبر وهو إقامة مناطق صناعية ومشروعات عملاقة تقضى على الفقر، هذا الخطر الحقيقى الذى يهدد مستقبل بلدنا.
المواطن المصرى أحلامه بسيطة ومتواضعة وهى الحصول على لقمة العيش دون معاناة، ولا يشغل باله لا بالسياسة والانتخابات ولا بالدستور والبرلمان، ولا يريد شاليهات فى المصايف والمشاتى، أو قصوراً داخل مصر أو خارجها، ولا أرصدة فى البنوك، يسعده الحصول على سلعة غذائية بسعر مناسب وفرصة تعليم لأولاده شبه محترمة، وحينما يمرض يعالج بكرامة، وهذا يتحقق من خلال مشروعات تنموية إنتاجية فى كل المجالات تقضى على الفقر والبطالة والإرهاب.